للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب السلف ويمكن أن يستنبط من لوازم رأيهم، مثل ما استنبطوا من رأي خصومهم في التشنيع أو أشد، بل وجد من فعل ذلك، والحق أن هذه ليست لوازم مقصودة لمذهب هؤلاء ولا هؤلاء، والجمهور على أن لازم المذهب ليس بمذهب وإن كان لا يظهر على إطلاقه {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠] (١). وهذه الكلمات الأخيرة من الشيخ رشيد كلمات طيبة أثابه الله عليها، لكن ليته لم يغال فيما ذهب إليه، وقد نعى على الآخرين أنهم يغالون.

د- وهكذا نجد الشيخ يتعقب كل ما فيه خلاف، ليفيض القول فيه، كأنما في ذلك متعة له، فهو حريص كل الحرص على أن يدلي بدلوه في كل مسألة، وأن يصدع برأيه دون أن يبالي بمخالفيه، فعند قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: ٩]، يذكر آراء العلماء في الجمع بين استغاثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ووعد الله له بالنصر، فيرد ويعقِّب ويخطِّئ، وعند ذكر الإمداد بالملائكة يرى خلافًا للجمهور، موافقًا (الأصم) الذي نقل عنه، بأن الملائكة لم تقاتل يوم بدر.

على أنني أسجل هنا سعة اطلاع الشيخ كأنَّما هو دائرة معارف، وإنّك لتعجب وأنت تقرأ تفسيره وتحقيقاته في قضايا اللغة والفقه والعقيدة وغيرها.

وما دمنا نتحدث عن مناقشته للمتكلمين فيطيب لي أن أنقل للقارئ الكريم رأيه في أمر البعث، أهو لهذه الأجسام كما هي، أي أيحيي الله هذا الجسم نفسه؟ .

القضية فيها اختلاف بين العلماء، ولقد استوعبها الشيخ، عند تفسيره قوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٥٧] فعند تفسيره هذه الجملة الأخيرة يطيل النفس


(١) تفسير المنار جـ ٨ ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>