للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول ابن عباس هذا، فقال يصف نارًا عظيمة، ويشبه شررها بالخيام:

حمراء ساطعة الذوائب في الدجى. . . ترمي بكل شرارةٍ كطرافِ (١)

وقد فسر بعضهم (القَصْر) الذي شبهت به الشرارة بجزل الحطب، أي الغليظ من أعواده، وكأن هذا القائل استبعد أن يكون المراد بالقصر البيت الحجري لما ذكرنا آنفًا، مع أن تفسيره به من أحسن التشابيه وأشدها انطباقًا على ما كان مألوفًا للعرب في ذلك العهد، وكثيرًا ما شبه شعراؤهم النياق بالقصور.

قال عنترة:

فوقفتُ فيها ناقتي فكأنها. . . فَدَنٌ (٢) لأقضي حاجةَ المتلَوِّمِ

وقال امرؤ القيس:

ولما أن جرى سمن عليها. . . كما طينت بالفدن السِّيَاعا (٣)

يريد أن ناقته لما سمنت، كان اللحم متراكبًا عليها، تراكب الطين على جدران القصر.

وقال الأخطل:

كأنها برج رومي يشيده. . . لُزَّ بِجِصِّ وآجرٍّ وأحجار

وقالوا في وصف نياق أو أفراس: (إن وقفن فمَجَادل، أو مررن فأجادل والمجادل القصور والأجادل الصقور).

ثم ذكر الكتاب لشرر جهنم تشبيهًا آخر، غير تشبيهها بالقصر، قال: {كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: ٣٣]، أي كأن شرر جهنم المتطاير عنها (جمالات)


(١) الطراف: الخيمة من الجلد المدبوغ.
(٢) فدن: قصر.
(٣) السياع: الطين بالتبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>