للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع جمل وهو الحيوان المعروف، كما قالوا رجل رجال ثم رجالات، ومن جموع جمل أيضًا جمالة، وقرئ به أيضًا، {كَأَنَّهُ جِمَالتٌ صُفْرٌ}، شبه الشرارات بالجمالات في عظمها ولونها، ثم في كثرتها وانتشارها هنا وهناك، في المراعي وفي تتابع بعضها إثر بعض، وهي سائرة في قطارها، وهكذا الشرارات، تنبعث الشرارة إثر الشرارة، أثناء تلظي نارها.

و(الصفر) ذات اللون الأصفر المعروف، أو المراد بالصفرة هنا: السواد الضارب إلى الصفرة، فإن هذا اللون هو اللون الغالب في ألوان الإبل عند العرب، والعرب يستعملون وصف (الأصفر) فيما كان لونه كالذهب والزعفران، وفيما كان لونه أسود كالغراب والدخان، فهو من أسماء أو صفات الأضداد، حتى فسر بعضهم قوله تعالى في وصف بقرة بني إسرائيل {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} بأنها سوداء خالصة اللون، وكما جعل بعض المفسِّرين (القَصْر) في الآية بمعنى جذوع الحطب الضخم، لا البيوت المعروفة، كذلك جعل بعضهم (الجِمَالات) جمع الجمل بمعنى القلس، لا الحيوان المعروف، والقلس حبل السفينة الضخم).

وقال: إن الكتاب يشبِّه الشرر في تتابعه وتلاحقه، واتصال كل شرارة بأختها بحبال السفن الضخمة البالغة الغاية في الثخانة والطول، فشرارات نار دار العذاب في ضخامتها وتماسكها ولونها الأصفر الضارب إلى السواد -كالقلوس أي حبال السفن التي هذه صفتها، والحاصل أن الوحي الإلهي شبه شرار جهنم في كبرها ولونها بالقصور والجمال، أو بجذوع الحطب والحبال، ولا تعجب من قرن الجمال الصفر بالقصور الحمر في الذكر، ولا من الجمع بينها في التشبيه، فإنك إذا نظرت إلى قرية من قرى العرب وقصورها، أي أبياتها الصغيرة اللائطة، المحمرة والمصفرة بلون طينها أو ترابها أو حجارتها، وهي منتشرة هنا وهناك في جنبات السهل الأفيح، ويتخللها أو يسرح في كل جانب

<<  <  ج: ص:  >  >>