أ- ومن هذا القبيل، ما يقولونه من أن السماوات السبع إنما هي مدارات الكواكب السيارة، وكان الأقدمون يعرفون منها سبعًا، فقرر القرآن هذا، تبعًا لمعارفهم، قالوا:(ولم تكن قد عرفت كواكب غير هذه السبع، وإنما اكتفى القرآن بذكر السبعة، لأنه لا يريد أن يخبرهم عن أشياء غير معلومة لهم) وهذا قول مردود لأول وهلة، لأن القرآن هو الكتاب الخالد على مدار الأيام، وهو الذي جاء يفتح عيون الناس وعقولهم، ويفتح لهم أبواب الآفاق كلها، ثم ألم يخبر القرآن بأن السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقهما الله؟ أكان هذا يا ترى، مما علمه الناس في ذلك الوقت؟ ألم يقل القرآن:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}[النور: ٤٣] أفكان هذا مما عرفه الناس في ذلك الوقت؟ ! .
وكنا نود من الأديب المفسر الأستاذ المغربي، أن لا يتورط في مثل هذا، ولكنه مع كل أسف أرخى العنان لقلمه ليقرر ما يلي:
(والسماوات السبع هنّ طرائق السيارات ومداراتها، ولا ريب أن هذه المدارات طبقات: طبقة أدنى من طبقة، وفلك فوق فلك، وإنما اقتصر الوحي من ذكر السماوات على سبعة -مع أن العلم أثبت أنها أكثر من ذلك- لأنه تعالى يخاطب القوم وقت البعثة، بما عرفوا من أمر الأفلاك وكواكبها، . وقد أحالهم على النظر والتأمل في تكوينها وأوضاعها، ليتنبهوا إلى كمال إحكامها، وليحدث الخطاب في نفوسهم عبرة، وإذعانًا وفضل تأثر، وليكون ذلك آية لهم على وجود الله وكريم صفاته، وهذا هو جل القصد من ذكر السماوات في القرآن، وليس القصد من ذكرها تقرير حقائق علم الهيئة، وسكوت الوحي من ذكر ما زاد على سبع سماوات لا ينفي وجود الزيادة. والحكمة في هذا السكوت أن المخاطبين في ذلك العهد، ما كانوا مقتدرين على النظر والتفكير في غير السماوات السبع، أو السيارات السبع التي عرفها الأوائل، واشتهر