هو أنت علي طيب الأصل، ويمكن أن يكون قد عبّر بالنطق عن ذوات النطاق، والنطق: جمع نطاق، والنطاق: إزار له تكة تنتطق به المرأة، وكأنه لما قال: أنه احتوى علياء خنندف، والقبيلة إنما سميت بالمرأة، حسن أن يقال: أن هذه العلياء التي احتواها دونها علياء كل ذات نطاق، هي أم الشخص أو القبيلة، ويمكن أن يكون مأخوذا من نطاق البيت وهو ما يراد عليه من خشب يجمع أركانه، فكأنه لما وصف شرفه الليالي وكني عنه البيت، رشّحه إلي ذكر النطاق المستعمل للبيت، أي تحت علياء بيته نطاق كل بيت.
وقيل معناه: حتى احتويت يا مهيمن من خندف علياء، يريد النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فأقام البيت مقامه، لأن البيت إذا حل بهذا المكان فقد حلّ به صاحبه، وأراد بيته شرفه، والمهيمن من نعته، كأنه قال: حتى احتوى شرفك الشاهد علي فضلك علياء الشرف من نسب ذوي خندف إلي تحتها النطق- وهي أوساط الجبال العالية- وخندف: هي امرأة إلياس بن مضر بن نزار، فنسب إليها ولد الناس [ (١) ] .
وقيل: أراد بقوله: النطق، العفاف من لبس المرأة النطاق ليحصنها، فيكون النطق بمعني نطاق، أي تحتها نطاق العفاف، وقيل: النطق، جمع ناطق، وقيل:
النطق: جمع نطاق، وهو الّذي يشده الإنسان علي وسطه، ومنه المنطق، وهذا من العباس رضي اللَّه تعالى عنه مثل، أي جعلك اللَّه عاليا، وجعل خندف كالنطاق لك. واللَّه أعلم.
وقد روى أن جبير بن مطعم قال: لما بعث اللَّه تعالي نبيه صلى اللَّه عليه وسلّم فظهر أمره بمكة خرجت إلي الشام، فلما كنت ببصرى أتاني جماعة من النصارى فقالوا لي:
من أهل الحرم أنت؟ قلت: نعم، قالوا: فتعرف هذا الّذي تنبأ فيكم؟ قلت:
[ (١) ] هي ليلي بنت حلوان بن عمران، وكان إلياس خرج في نجعة فنفرت إبله أرنب، فخرج إليها عمرو فأدركها، وخرج عامر فتصيدها وطبخها، وانقمع عمير في الخباء، وخرجت أمهم تسرع، فقال لها إلياس: أين تخندفين؟ فقالت: ما زلت أخندف في إثركم، فلقبوا: مدركة، وطابخة، وقمعة، وخندف (ترتيب القاموس) : ج ٢ ص ١١٥، (الأعلام للزركلي) : ج ٦ ص ١١٦، (معجم قبائل العرب) : ج ١ ص ٤٠.