للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إخباره صلّى اللَّه عليه وسلّم عن أبي ذر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بأنه يموت وحده فكان كما قال

فروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني بريدة بن سفيان الأسلميّ، عن محمد بن كعب القرظيّ، عن عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: لما نفى عثمان أبا ذرّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- إلى الرَّبَذَة [ (١) ] ، وأصابه بها قدره، لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني، ثم ضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم قولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأعينونا على دفنه.

فلما مات فعلا ذلك به، ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد اللَّه ابن مسعود في رهط من أهل العراق عمار، فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق، قد كادت الإبل تطؤها، وقام إليهم الغلام، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأعينونا أعلى دفنه،

قال فاستهل عبد اللَّه بن مسعود يبكي ويقول: صدق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، تمشى وحدك، وتموت وحدك، وتبعث


[ () ] قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان يشكوني، فكتب إليّ عثمان: أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا، فذاك الّذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا عليّ حبشيا لسمعت وأطعت.
[ (١) ] الرَّبَذَة: خرقة الصائغ يجلو بها الحليّ، وبها سميت الرَّبَذَة، وهي قرية كانت عامرة في صدر الإسلام، وبها قبر أبي ذرّ الغفاريّ وجماعة من الصحابة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم.