للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البكاءين [ (١) ] من بني النجار ليقتلنّه أو يموت دونه، وطلب له غرة [ (٢) ] ، حتى كانت ليلة صائفة- ونام (أبو عفك) [ (٣) ] بالفناء في بني عمرو بن عوف- فأقبل [ (٤) ] سالم فوضع السيف على كبده فقتله.

[غزوة بني قينقاع وإجلاؤهم]

ثم كان إجلاء بني قينقاع [ (٥) ]- أحد طوائف اليهود بالمدينة- في شوال بعد بدر، وقيل: في صفر سنة ثلاث، وجعلها محمد بن إسحاق بعد غزوة «قرارة الكدر» . وكان سببها أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما قدم المدينة مهاجرا وادعته يهود كلها، وكتب بينه وبينهم كتابا، وألحق كل قوم بحلفائهم، وجعل بينه وبينهم أمانا، وشرط عليهم شروطا منها: ألا يظاهروا عليه عدوا.

فلما قدم من بدر بغت يهود، وقطعت ما كان بينها وبين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من العهد، فجمعهم [بسوق بني قينقاع] [ (٦) ] وقال: يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يوقع اللَّه بكم مثل وقعة قريش، فو اللَّه إنكم لتعلمون أني رسول اللَّه،

فقالوا: يا محمد لا يغرنك من لقيت، إنك قهرت قوما أغمارا [ (٧) ] وإنا واللَّه أصحاب الحرب، ولئن قاتلتنا لتعلمن أنك لم تقاتل مثلنا.

[سبب إجلائهم]

فبينما هم على ما هم عليه- من إظهار العداوة ونبذ العهد- جاءت امرأة رجل من الأنصار إلى سوق بني قينقاع فجلست عند صائغ في حليّ لها، فجاء أحد بني قينقاع فحل درعها من ورائها بشوكة وهي لا تشعر، فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها، فاتبعه رجل من المسلمين فقتله، فاجتمع عليه بنو قينقاع وقتلوه، ونبذوا العهد إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وحاربوا، وتحصنوا في حصنهم. فأنزل اللَّه تعالى:

وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ [ (٨) ]

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنا أخاف [ (٩) ] بني قينقاع

فسار إليهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم السبت


[ (١) ] البكاءون: هم السبعة الذين نزل فيهم قوله تعالى: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ الآية ٩٢/ التوبة.
[ (٢) ] في (خ) «عزة» .
[ (٣) ] زيادة للإيضاح.
[ (٤) ] في (خ) «أقبل» .
[ (٥) ] في (خ) «قينقا» .
[ (٦) ] زيادة للإيضاح.
[ (٧) ] أغمار: جمع غمر، وهو الجاهل الّذي لا تجربة عنده.
[ (٨) ] الآية ٥٨/ الأنفال.
[ (٩) ] في (خ) «أخافه من» .