قد أقبلت من الجزيرة وادعت النبوة، وكانت ورهطها في أخوالها من تغلب تقود أفناء ربيعة، معها الهزيل بن عمران في بني تغلب، وكان نصرانيا فترك دينه، وتبعها، وعقبة بن هلال في النمر، وزياد بن فلان أياد، والسليل ابن قيس في شيبان، فأتاهم أمر أعظم مما هم فيه لاختلافهم.
وكانت سجاح تريد غزو أبي بكر، فأرسلت إلي مالك بن نويرة تطلب الموادعة، فأجابها وردها من غزوها وحملها على أحياء من بني تميم، فأجابته وقالت: أنا امرأة من بني يربوع، فإن كان ملك فهو لكم. وهرب منها عطارد ابن حاجب وسادة بني مالك وحنظلة إلي بني العنبر، وكرهوا ما صنع وكيع وما صنع مالك بن نويرة، واجتمع مالك ووكيع وسجاح فسجعت لهم سجاح وقالت: أعدوا الركاب، واستعدوا للنهاب، ثم أغيروا علي الرباب فليس دونهم حجاب. فساروا إليهم، فلقيهم حنبة وعبد مناة فقتل بينهم قتلى كثيرة وأسر بعضهم من بعض ثم تصالحو، وقال قيس بن عاصم شعرا ظهر فيه ندمه على تخلفه عن أبي بكر بصدقته. ثم صارت سجاح في جنود الجزيرة حتى بلغت النياح، فأغار عليهم أوس بن خزيمة الهجيمي في بني عمرو فأسر الهزيل وأعتقه، ثم اتفقوا على أن يطلق أسرى سجاح ولا يطأ أرض أوس ومن معه.
ثم خرجت سجاح في الجنود وقصدت اليمامة وقالت: عليكم باليمامة، ودفوا دفيف الحمامة، فإنّها غزوة حرامه، لا يلحقكم بعدها ملامة. فقصدت ابن حنيفة، فبلغ ذلك مسيلمة فخاف إن هو شغل بها أن يغلب ثمامة وشرحبيل بني حسنة والقبائل التي حولهم على حجر، وهي اليمامة، فأهدى لها ثم أرسل إليها يستأمنها علي نفسه حتى يأتيها، فأمنته، فجاءها في أربعين من بني حنفية فقال مسيلمة: لنا نصف الأرض وكان لقريش نصفها لو عدلت، وقد رد اللَّه عليك النصف الّذي ردت قريش.
وكان مما شرع لهم أن من أصاب ولدا واحدا ذكرا لا يأتي النساء يموت ذلك الولد فيطلب الولد حتى يصيب ابنا ثم ينسك، وقيل: بل تحصن منها،