للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انهزام المشركين بغير قتال]

فالتفت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يمينا وشمالا- والناس منهزمون حتى بلغوا مكة، فلم يرجع آخرهم إلا والأسارى بين يدي النبي عليه السلام- وهو يقول: يا أنصار اللَّه وأنصار رسول اللَّه؟ أنا عبد اللَّه ورسوله!! ثم تقدّم بحربته أمام الناس، وانهزم المشركون، وما ضرب أحد من المسلمين بسيف ولا طعن برمح.

ورجع صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى العسكر، وأمر أن يقتل كلّ من قدر عليه من المشركين، وقد ولت هوازن، وثاب من انهزم من المسلمين.

الذين ثبتوا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الهزيمة

ولم يثبت معه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقت الهزيمة إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وقد أخذ [ (١) ] بثغر البلغة، والعباس وقد أخذ بحكمتها [ (٢) ] ، وهو يركضها إلى وجه العدوّ، وينوّه باسمه

فيقول:

أنا النبيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطّلب

[دعوة المنهزمين]

وقال صلّى اللَّه عليه وسلّم يا عباس! اصرخ: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السّمرة [ (٣) ] ! فنادى بذلك- وكان رجلا صيّتا [ (٤) ]-، فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنّت إلى أولادها يقولون يا لبّيك ... يا لبيك! فأشرف صلّى اللَّه عليه وسلّم كالمتطاول في ركابيه، فنظر إلى قتالهم وقال: الآن حمي الوطيس! ثم أخذ بيده من الحصا فرماهم به وهو يقول: شاهت الوجوه، حم لا ينصرون! ثم قال: انهزموا وربّ الكعبة! فما زال أمرهم مدبرا

وانهزموا: فانحاز صلّى اللَّه عليه وسلّم ذات اليمين، وهو على بغلته قد جرّد سيفه.


[ (١) ] هذه الكلمة غير واضحة في (خ) ، وأثبتناها من (الواقدي) ج ٢ ص ٨٩٨ ومعناها: السير في مؤخر السرع (ترتيب القاموس) .
[ (٢) ] الحكمة: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه وفيها العذران (ترتيب القاموس) .
[ (٣) ] السّمرة: قال في (النهاية) الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان عام الحديبيّة.
[ (٤) ] صيّتا: عالي الصوت رفيعه.