للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[المعجزة في رأي المتكلمين]]

وأما المعجزة، فإنّها على طريقة المتكلمين أمر يظهر بخلاف العادة في دار التكليف، لإظهار صدق [مدعي النبوة] ، مع نكول من يتحدى به عن معارضته بمثله، وقيد بدار التكليف، لأن ما كان في الآخرة من خلاف العادة لا يكون معجزة، وبإظهار صدق مدّعى النبوة احترازا عما يظهر على يد الولي والمتألّه، إذ في ظهور إخلاف العادة على يد المتأله جائز دون المتنبي، والفرق أن ظهوره على يد المتنبي يوجب انسداد باب معرفة النبي، وأما ظهوره على يد المتأله [لا يوجب] [ (١) ] انسداد باب معرفة الإله، لأن كل عاقل يعرف أن الآدمي لاشتماله على أمارات القصور، لا يكون إلها، ولو رئي منه [أيّ خارق] [ (١) ] للعادة.

وقيد بإظهار صدقه لأنه لو ظهر لإظهار كذبه لا يكون معجزة، كما لو ادعى المتنبي أن معجزتي نطق هذه الشجرة فأنطقها اللَّه تعالى بتكذيبه لا تكون معجزة، وقيد بنكول من يتحدى به عن معارضته، لأنها تخرج عند المعارضة عن الدلالة، ووجه دلالة المعجزة ما سبق من العلم، فإن اللَّه سامع لدعواه، وأن ما ظهر على يده لا يقدر عليه إلا اللَّه ... إلى آخره.

وقال بعضهم: المعجز هو الأمر الممكن الخارق للعادة المقرون بالتحدي الخالي عن المعارض، وقال آخر: المعجزة فعل يظهر على يد من يدعي النبوة بخلاف العادة في زمان التكليف موافقا لدعواه، وهو يدعو الخلق إلى معارضته ويتحداهم أن يأتوا بمثله فيعجزون عنه، فيتبين به صدق من ظهر على يده.

وقال آخر: المعجزة أفعال تعجز البشر عن مثلها فسميت بذلك معجزة، وليست من جنس مقدور العباد، وإنما تقع في غير محل قدرتهم. وللناس في كيفية وقوعها ودلالتها على تصديق الأنبياء خلاف:

فقال المتكلمون بناء على القول بالفاعل المختار: هي واقعة بقدرة اللَّه [تعالى] [ (١) ]


[ (١) ] زيادة للسياق.