فقالوا: التكليف باطل، فالبعثة باطلة، أما الأولى: فلأن أفعال العباد مخلوقة للَّه تعالى، فلا تكون مقدورة لهم، فلا يكلفون بها.
وأما الثانية: فلأنه لا فائدة في البعثة إلا توجيه التكاليف على الخلق، فإذا كان المقصود باطلا كان المتبع أولى بالبطلان.
وأجيب: أولا: بأن أفعالهم لا تخلو عن قدرتهم واختيارهم كما يعدد في مسألة خلق الأفعال، ولذلك يقولون: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وإنما يلزم من عدم القدرة من جعل الخلق نفس المخلوق، وهم المعتزلة.
وأجيب: ثانيا: بمنع انحصار فائدة البعثة في توحيد التكليف كما سيأتي عند ذكر جواز بعثة الرسل.
[وأما شبهة البراهمة]
فقالوا: كل ما كان حسنا فعلناه، وكل ما كان قبيحا تركناه، وما لا ندرك حسنه ولا قبحه فإن كنا مضطرين أو محتاجين إليه اكتفينا بالقدر الرافع للضرورة والحاجة، وإن لم يكن بنا حاجة إليه امتنعنا منه احترازا من الخطر.
وأجيب: بعد تسليم أن العقل كاف في التعريف، لكن لم لا يجوز أن يكون فائدة البعثة تأكيد ذلك التعريف، ولهذا السبب أكثر اللَّه تعالى من الدلائل على التوحيد، مع أن الواحد منها كاف.