للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مجلسك هذا. واللَّه لقد علمت الخزرج ما كان فيها [ (١) ] رجل أبرّ بوالده [ (١) ] مني، وإني لأخشى- يا رسول اللَّه- أن تأمر غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن انظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأدخل النار، وعفوك أفضل، ومنّك أعظم.

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما أردت قتله، وما أمرت به، ولنحسنن صحبته ما كان بين أظهرنا.

فقال: يا رسول اللَّه! إن أبي كانت هذه البحيرة قد استقوا [ (٢) ] عليه ليتوجوه، فجاء اللَّه بك فوضعه ورفعنا بك، ومعه قوم يطيفون به [ (٣) ] يذكرونه أمورا قد غلب اللَّه عليها. وقال عبد اللَّه في ذلك شعرا.

سير رسول اللَّه

ولما خرجوا من المريسيع قبل الزوال لم ينخ [ (٤) ] أحد إلا لحاجة أو لصلاة، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يستحث راحلته بالسوط في تراقيها [ (٥) ] حتى أصبحوا، ومدّوا يومهم حتى انتصف النهار، ثم راحوا مردين [ (٦) ] ، فنزل من الغد ماء يقال له:

بقعاء.

[الريح التي أنذرت بموت كهف المنافقين رفاعة بن التابوت]

فأخذتهم ريح شديدة- اشتدت إلى أن زالت الشمس ثم سكنت آخر النهار- حتى أشفقوا منها، وسألوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عنها، وخافوا أن يكون عيينة بن حصن خالف إلى المدينة، وقالوا: لم تهج هذه الريح إلا من حدث.

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: ليس عليكم بأس منها، فما بالمدينة من نقب [ (٧) ] إلا عليه ملك يحرسه، وما كان ليدخلها


[ (١) ] في (خ) «ما كان فيها ما كان رجل» ، «بوالدي» .
[ (٢) ] البحيرة: تصغير بحرة وهي الأرض والبلدة، استقوا: أجمعوا أمرهم.
[ (٣) ] أطافوا به: أحاطوا به.
[ (٤) ] في (خ) «ينح» .
[ (٥) ] في (خ) «مراقيها» والتراقي جمع ترقوه، وهو عظم يصل بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين، وفي التنزيل كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ ٢٦، ٢٧/ القيامة.
[ (٦) ] رد الفرس: رديا، ورديانا: رجم الأرض بحوافره، في سيره وعدوه (المعجم الوسيط) ج ١ ص ٣٤٠.
[ (٧) ] النقب: الطريق إلى الجبل (ترتيب القاموس) ج ٤ ص ٤٢١.