محمد صلّى اللَّه عليه وسلم إما ملك ما حق أو نبي صادق، ولكنه ليس ملكا ماحقا، فهو نبي صادق، وإنما قلنا: إما ملك أو نبي لأنه لا قائل بقول ثالث، إذ الخصم وهو اليهود والنصارى- خزاهم اللَّه- يزعمون أن رب العالمين- تعالى عن قولهم- أرسل ملكا ظالما فادعى النبوة وكذب على اللَّه، ومكث زمنا طويلا يقول: أمرني بكذا ونهاني عن كذا، ويستبيح دماء أولياء اللَّه وأبنائه وأحبائه، والرب تعالى يظهره ويؤيده، ويقيم الأدلة والمعجزات على صدقه، ويقبل بقلوب الخلق وأجسادهم إليه، ويقيم دولته على الظهور والزيادة، ويذل أعداؤه أكثر من ثماني مائة سنة، وهذا منهم غاية القدح في الرب- تعالى عن قولهم-.
ونحن نقول: إن محمدا صلّى اللَّه عليه وسلم كان نبيا صادقا مؤيدا من اللَّه تعالى، فقام ناموسه بالتأييد الإلهي. وإنما قلنا: أنه ليس ملكا بل نبي صادق لأنا علمنا بالاستقراء التام والتواتر القاطع أن ملكا من ملوك الدنيا لم يبق ناموسه بعده بل سيفنى بموته، وإنما تبقى نواميس الأنبياء بعدهم، ثم رأينا ناموس محمد صلّى اللَّه عليه وسلم باقيا بعده زيادة عن ثماني مائة سنة، فعلمنا أنه من الأنبياء لا من الملوك.