للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصيد في تبوك]

واستأذنه رافع بن خديج في الصيد فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن ذهبت فاذهب في عدة من أصحابك، وكونوا على خيل، فإنكم متفرقون من العسكر.

فانطلق في عشرة من الأنصار فيهم أبو قتادة- وكان صاحب طرد بالرّمح، وكان رافع راميا- وأتوا بخمسة أحمرة وظباء كثيرة. فأمر عليه السلام رافعا فجعل يعطى القبيلة بأسرها الحمار والظبي حتى فرّق ذلك، وصار لرسول اللَّه ظبي واحد، فطبخه، ودعا أضيافه فأكلوا.

[آية الطعام يوم تبوك]

وكان عرباض بن سارية يلزم باب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الحضر والسفر، فرجع ليلة من حاجته بتبوك- وقد تعشّى عليه السلام ومن معه من أضيافه، وهو يريد أن يدخل قبّته على أمّ سلمة- فلما رأى العرباض سأله عن غيبته فأخبره. ثم

جاء جمال بن سراقة وعبد اللَّه بن مغفّل المزني- وهم ثلاثتهم جياع-، فطلب عليه السلام في بيته شيئا يأكله فلم يجده، فنادى بلالا: هل من عشاء لهؤلاء النفر؟

فقال: لا، والّذي بعثك بالحق، لقد نفضنا جربنا وحمتنا [ (١) ] ! قال: انظر، عسى أن تجد شيئا! فأخذ الجرب ينفضها جرابا جرابا، فتقع التمرة والتمرتان حتى اجتمع سبع تمرات، فوضعها عليه السلام في صحفة وسمي اللَّه، ثم قال: كلوا باسم اللَّه! فأكلوا، وأحصى عرباض أربعا وخمسين تمرة أكلها يعدها ونواها في يده الأخرى، وأكل كلّ واحد من الآخرين خمسين تمرة، ورفعوا أيديهم، فإذا التمرات السبع [ (٢) ] كما هي، فقال: يا بلال، أرفعها في جرابك، فإنه لا يأكل منها أحد حتى نهل شبعا! فبات الثلاثة حول قبة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقام يتهجّد على عادته، فلما صلّى بالناس الصّبح جلس بفناء قبته وحوله عشرة من الفقراء، فقال: هل لكم في الغداء؟ فقال عرباض في نفسه: أي غداء؟ فدعا بلال بالتمر فوضع يده عليه في الصّحفة ثم قال: كلوا باسم اللَّه! فأكلوا حتى شبعوا، وإذا التمرات كما هي، فقال عليه السلام لولا أني أستحي من ربي لأكلنا من هذه التمرات حتى نرد


[ (١) ] الجرب والحمت: أسماء أوعية من الجلد.
[ (٢) ] في (خ) «فإذا السبع الثمرات» .