للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد واللَّه كثر إن نفع [ (١) ] . وقد قتلتم هذا القتيل، واللَّه لأدينّه! فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بالخيار: إن شاءوا فدم قتيلهم، وإن شاءوا فعقله [ (٢) ] .

ويروي أنه قام خطيبا فقال: إنّ أعدى الناس على اللَّه: من قتل في الحرم، ومن قتل غير قاتله، ومن قتل بذحول الجاهلية [ (٣) ] .

ويقال: إن قتل خراش لجنيدب كان بعد ما نهى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عن القتل، وإنه عليه السلام قال: لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت خراشا بالهذلىّ: ثم أمر خزاعة يخرجون ديته، فأخرجوها مائة من الإبل، فكان أول قتيل وداه [ (٤) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الإسلام.

[أذان بلال على ظهر الكعبة ومقالة قريش]

وجاءت الظّهر، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بلالا أن يؤذن فوق ظهر الكعبة، وكانت قريش فوق رءوس الجبال وقد فرّ وجوههم وتغيبوا خوفا أن يقتلوا. فلما أذّن بلال ورفع صوته كأشدّ ما يكون وقال: أشهد أن محمدا رسول اللَّه- قالت جويرية بنت أبي جهل: قد لعمري رفع لك ذكرك! أما الصلاة فسنصلّي، واللَّه لا نحب من قتل الأحبة أبدا، ولقد كان جاء أبي الّذي جاء محمدا من النبوة فردّها، وكره خلافة قومه. وقال خالد بن الأسيد: الحمد للَّه الّذي أكرم أبي فلم يسمع هذا اليوم! وقال الحارث بن هشام: وا ثكلاه! ليتني متّ قبل هذا اليوم قبل أن أسمع بلالا ينهق فوق الكعبة! وقال الحكم بن أبي العاص: هذا واللَّه الحدث العظيم.

أن يصبح عبد بني جمح على بنيّة [ (٥) ] أبي طلحة! وقال سهيل بن عمرو: إن كان هذا سخطا للَّه فسيغيره، وإن كان للَّه رضي فسيقرّه. وقال أبو سفيان بن حرب أما أنا فلا أقول شيئا، لو قلت شيئا لأخبرته هذه الحصباء! فأتى جبريل عليه السلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأخبره خبرهم.


[ (١) ] في (خ) «كبر أن يقع» وما أثبتناه من (الواقدي) ج ٢ ص ٨٤٤ و (ابن هشام) ج ٤ ص ٤٢ وهو هناك «كثر [القتل] إن نقع» .
[ (٢) ] في (خ) «ففعله» ، والعقل: دية القتيل.
[ (٣) ] ذحول: جمع ذحل، وهو الثأر والعداوة.
[ (٤) ] وداه: دفع ديته.
[ (٥) ] البنية: البيت المبني.