للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقاتلكم لأعنتها عليكم! فقال [أبو سفيان] [ (١) ] : جزيت من ذي رحم شرا، ثم دخل على عثمان رضي اللَّه عنه فقال: إنه ليس في القوم أحد أقرب بي رحما منك! فزد في الهدنة وجدّد العهد، فإن صاحبك لن يردّه عليك أبدا! قال: جواري من جوار رسول اللَّه!

فدخل على فاطمة وكلمها في أن تجير بين الناس، فقالت: إنما أنا امرأة! قال: مري أحد ابنيك يجير بين الناس! قالت: إنما هما صبيّان! وليس مثلهما يجير.

[مناشدته عليا ومشورة علي]

فأتى علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه فقال: يا أبا الحسن! أجر بين الناس أو تكلم محمدا يزيد في المدة! فقال: ويحك يا أبا سفيان! إن رسول اللَّه قد عزم أن لا يفعل، وليس أحد يستطيع أن يكلمه في شيء يكرهه. قال: فما الرأي؟

يسّرني [ (٢) ] لأمري، فإنه قد ضاق عليّ، فمرني بأمر ترى أنه نافعي. قال: واللَّه ما أجد لك شيئا أمثل من أن تقوم فتجير بين الناس، فإنك سيّد كنانة. قال:

ترى ذلك مغنيا عنّي شيئا؟ قال: لا أظن ذلك واللَّه، ولكني لا أجد لك غيره.

فقام أبو سفيان بين ظهري الناس فصاح: ألا إني قد أجرت بين الناس، ولا أظنّ محمدا يخفرني!

ثم دخل على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا محمد! ما أظنّ أن تردّ جواري! فقال: أنت تقول ذلك يا أبا سفيان!!

ثم جاء [أبو سفيان] [ (٣) ] لسعد بن عبادة فقال: يا أبا ثابت! قد عرفت الّذي كان بيني وبينك! وأني كنت لك في قومنا جارا، وكنت لي بيثرب مثل ذلك، وأنت سيد هذه البحرة [ (٤) ] ، فأجر بين الناس وزد في المدة. فقال: يا أبا سفيان! جواري في جوار رسول اللَّه! ما يجير أحد على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

ويقال: خرج أبو سفيان على أنه قال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أنت تقول ذلك يا أبا سفيان!!

ويقال: لما صاح لم يقرب النبيّ عليه السلام وركب راحلته وانطلق إلى مكة.


[ (١) ] زيادة للبيان من (ط) .
[ (٢) ] في (خ) «بشرني» .
[ (٣) ] زيادة للبيان.
[ (٤) ] البحرة: البلدة.