فصل في ذكر من حدّث عنه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
اعلم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخبر عن رب العزة جلت قدرته، بما أوحى إليه من الكتاب والحكمة، فالكتاب هو القرآن الكريم، والحكمة سنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وروى عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن ربه عز وجل أحاديث كثيرة، ورأى جبريل عليه السلام على صورته التي خلق عليها مرتين، ونزل عليه بالقرآن عن اللَّه تعالى على قلبه الكريم، ورأى صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة الإسراء خازن الجنة وخازن النار، وشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، وتلقاه المقربون من الأخرى، وأتاه صلّى اللَّه عليه وسلّم ملك الجبال يوم قرن الثعالب برسالة من اللَّه فقال: إن شاء أن يطبق عليهم الأخشبين، فقال: بل استأنى بهم، ونزل عليه ملك يبشره بالفاتحة، وبالآيتين من آخر سورة البقرة، وأتاه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو يجمع الأقباض، وجبريل عليه السلام عن يمينه ملك، فبلغه سلام ربه، وأخبره عن اللَّه بتصويب ما أشار به الحباب بن المنذر، واجتمع ليلة الإسراء بالأنبياء، ورآهم على مراتبهم، فرأى إبراهيم، وإدريس، وموسى، وعيسى، ويحيى، ويوسف، وهارون، وآدم، وسلموا عليه، ورحبوا به وحدثه إبراهيم عليه السلام، بحديث رواه عنه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وحدث صلّى اللَّه عليه وسلّم عن تميم الداريّ بقصة الدجال، وحدث صلّى اللَّه عليه وسلّم عن قس بن ساعدة، بما سمعه يقول بسوق عكاظ.
فأما ما أخبر به صلّى اللَّه عليه وسلّم عن رب العزة جلت قدرته
فقد قدمت فيما سلف اختلاف أئمة الإسلام في رؤيته صلّى اللَّه عليه وسلّم للَّه عز وجل، وفي سماعه كلام اللَّه تعالى وخطابه له ليلة الإسراء فأغنى عن إعادته.
فالكتاب العزيز الّذي هو القرآن العظيم، المعجز المبين، وحبل اللَّه المتين، فإنه علم على صدق نبوته صلّى اللَّه عليه وسلّم، اقترن بدعوته، ولم يزل أيام حياته، ودام في أمته بعد وفاته وهو كما وصفه به من أنزله فقال جل من قائل: