وحدث أيضا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة، وعن أبي بكر وعمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما. عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني- وكان من أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال لمعاوية: «اللَّهمّ علمه الكتاب والحساب وقه العذاب. وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربى أولادهم على ذلك، وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كثير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق. قال خليفة: جمع عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه الشام كلها لماوية وأقره عثمان، قلت: حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم- وهو ثغر- فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضى الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك. وإن كان غيره من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خيرا منه بكثير وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه ورأيه، وله هنات وأمور، واللَّه الموعد. وكان محببا إلى رعيته، عمل نيابة الشام عشرين سنة، والخلافة عشرين سنة، ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب، وغير ذلك. قال أحمد بن حنبل: فتحت قيسارية سنة تسع عشرة، وأميرها معاوية، وقال يزيد بن عبيدة غزا معاوية قبرص سنة خمس وعشرين. وقال الزهري: نزع عثمان عمير بن سعد، وجمع الشام لمعاوية. وأقبل معاوية في أهل الشام، فالتقوا، فكره الحسن القتال، وبايع معاوية على أن جعل له العهد بالخلافة من بعده. ثم إن معاوية أجاب إلى الصلح وسر بذلك، ودخل هو والحسن الكوفة راكبين، وتسلم معاوية الخلافة في ربيع الآخر، وسمى عام الجماعة لاجتماعهم على إمام، وهو عام أحد وأربعين.