وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم في تعيينه مصارع المشركين ببدر
فخرج مسلم [ (١) ] من حديث عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فأعرض عنه ثم تكلم عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فأعرض عنه، فقام سعد بن عباده رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فقال: إيانا تريد يا رسول اللَّه؟ والّذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا.
قال: فندب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، وكان أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف، فإذا ذلك ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال ما لي بأبي سفيان علم، ولكن أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس،
فإذا قال هذا أيضا ضربوه، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قائم ويصلي.
[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٢/ ٣٦٦- ٣٦٨، كتاب الجهاد والسير، باب (٣٠) غزوة بدر، حديث رقم (١٧٧٩) . قال الإمام النووي: قال العلماء: إنما قصد صلّى اللَّه عليه وسلم اختبار الأنصار، لأنه صلّى اللَّه عليه وسلم لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان، أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك، فأجابوه أحسن جواب بالموافقة التامة في هذه المرة وغيرها. وفيه استشارة الأصحاب وأهل الرأى والخبرة. (شرح النووي) .