ونفى النطق عن الهوى، يقتضي نفى جنس ما ينطق به، عن الاتصاف بالصدور عن هوى، سواء كان القرآن أو غيره من الإرشاد النبوي، بالتعليم، والخطابة، والموعظة، والحكمة، ولكنه القرآن هو المقصود، لأنه سبب هذا الرد عليهم. واعلم أن تنزيهه صلى اللَّه عليه وسلّم عن النطق عن هوى، يقتضي التنزيه على أن يفعل أو يحكم عن هوى، لأن التنزه عن النطق عن هوى أعظم مراتب الحكمة، ولذلك ورد في صفة النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: أنه يمزح ولا يقول إلا حقا. وإن كان النبي صلى اللَّه عليه وسلّم ينطق بغير القرآن عن وحي، كما في حديث الحديبيّة، في جوابه الّذي سأله: ما يفعل المعتمر؟ وكقوله: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، ومثل جميع الأحاديث القدسية التي فيها: قال اللَّه تعالى، ونحوه. فهذه الآية بمعزل عن إيرادها في الاحتجاج لجواز الاجتهاد للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، لأنها كان نزولها في أول أمر الإسلام، وإن كان الأصح أن يجوز له صلى اللَّه عليه وسلّم الاجتهاد، وأنه وقع منه، وهي من مسائل أصول الفقه. (تفسير التحرير والتنوير) : ٢٧/ ٩٣- ٩٤. [ (١) ] (سنن أبى داود) : ٤/ ١٢٥، كتاب الأطعمة، باب (١) ما جاء في إجابة الدعوة، حديث رقم (٣٧٤١) .