للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا لا تقتل الذرية، فقال أسيد بن الحضير: يا رسول اللَّه! أليس إنما هم أولاد المشركين؟! فقال: أوليس خياركم أولاد المشركين؟ كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها، وأبواها يهوّدانها أو ينصّرانها [ (١) ] !.

[خبر النمل]

وقال جبير بن مطعم: لما تراءينا نحن والقوم، رأينا سوادا لم نر مثله قط كثرة، وإنما ذلك السواد نعم فحملوا النساء عليه. فأقبل مثل الظّلّة السوداء من السماء، حتى أظلت علينا وعليهم وسدّت الأرض. فنظرت فإذا وادي حنين يسيل بالنمل، نمل أسود مبثوث. لم أشكّ أنه نصر أيدنا اللَّه به، فهزمهم اللَّه. وحدّث شيوخ من الأنصار قالوا: رأينا كالبجد [ (٢) ] السود هوت من السماء ركاما فنظرنا فإذا نمل مبثوث، فإن كنا لننفضه عن ثيابنا، فكان نصرا أيّدنا اللَّه به.

[نصر الملائكة]

وكانت سيما الملائكة يوم حنين عمائم حمرا [ (٣) ] قد أرخوها بين أكتافهم، وكان الرعب الّذي قذف اللَّه في قلوب المشركين يومئذ كوقع الحصاة في الطّست:

له طنين، فيجدون في أجوافهم مثل ذلك. ولم رمي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بذلك الكفّ من الحصا، لم يبق أحد من المشركين إلا وهو يشكو القذى في عينه. ويجدون في صدورهم خفقانا كوقع الحصا في الطّساس [ (٤) ] : ما يهدأ ذلك عنهم. ورأوا رجالا بيضا على خيل بلق، عليهم عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم، وهم بين السماء والأرض: كتائب، فما كانوا يستطيعون أن يتأمّلوهم من الرعب منهم.

[القتلى في ثقيف]

استحرّ القتل من ثقيف [في] [ (٥) ] بني مالك، فقتل منهم قريب من مائة رجل تحت رايتهم، وقتل ذو الخمار، وهربت ثقيف.


[ (١) ] أي يحملانها على شريعة يهودية أو نصرانية.
[ (٢) ] البجد: جمع بجاد: وهو كساء مخطط من أكسية الأعراب.
[ (٣) ] في (خ) «حمر» .
[ (٤) ] الطساس: جمع طست.
[ (٥) ] زيادة للسياق من (ابن هشام) ج ٤ ص ٦٩.