للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم إلى بعض، فيلحظهم المسلمون بأبصارهم، فشق ذلك عليهم، وأرادوا مسجدا يكونون فيه لا يغشاهم فيه إلا من يريدون ممن هو على قبل رأيهم. وكان أبو عامر يقول: لا أقدر أن أدخل مربدكم هذا [ (١) ] ! وذلك أنّ أصحاب محمد يلحظوني وينالون مني ما أكره. فقالوا: نحن نبني مسجدا تتحدّث فيه عندنا.

[المتخلفون عن تبوك]

[وقد كان تخلف عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رهط من المنافقين، وتخلف أولئك الرّهط الثلاثة المسلمين من غير شك ولا نفاق:

كعب بن مالك الأنصاريّ السّلميّ، ومرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أميّة الواقفيّ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا تكلمنّ أحدا من هؤلاء الثلاثة! فاعتزل المسلمون كلام أولئك النّفر الثلاثة] [ (٢) ] . وأجمع كعب بن مالك أن يصدق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

مقدمة إلى المدينة ودعاؤه صلّى اللَّه عليه وسلّم

فقدم صلّى اللَّه عليه وسلّم المدينة في رمضان، فقال: الحمد للَّه على ما رزقنا في سفرنا هذا من أجر وحسبة ومن بعدنا شركاؤنا فيه. فقالت عائشة رضي اللَّه عنها. أصابكم العسر [ (٣) ] وشدّة السّفر، ومن بعدكم شركاؤكم فيه؟ فقال: إن بالمدينة لأقواما ما سرنا من مسير، ولا هبطنا واديا إلا كانوا معنا، حبسهم المرض، أو ليس اللَّه يقول في كتابه وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً [ (٤) ] ؟ فحن غزاتهم وهم قعدتنا [ (٥) ] ، والّذي نفسي بيده، لدعاؤهم أنفذ في عدونا من سلاحنا!!.

[دخول المسجد والنهي عن كلام المتخلفين]

ولما قدم بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فجاء المخلفون


[ (١) ] المربد: فناء وراء البيت، ربما حبست فيه الغنم فبناه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مسجدا، ولكن عدو اللَّه الفاسق كان يسمى المسجد باسم ما كان عليه أولا.
[ (٢) ] ما بين القوسين ساقط في (خ) وأثبتناه من (ابن هشام) ج ٤ ص ١٢٩.
[ (٣) ] في (خ) «أصابكم السفر» وهي رواية (الواقدي) عن عائشة. انظر (المغازي) ج ٣ ص ١٠٥٦، وما أثبتناه من (ط) .
[ (٤) ] من الآية ١٢٢/ التوبة.
[ (٥) ] القعدة: جمع قاعد، وهو الّذي قعد عن الغزو.