للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فزعا، فقال: ألا أراك وضعت اللأمة ولم تضعها الملائكة بعد؟ لقد طردناهم إلى حمراء الأسد، إن اللَّه يأمرك أن تسير إلى بني قريظة، فإنّي عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم. [ويقال: جاءه على فرس أبلق] [ (١) ] .

[الخروج إلى قريظة]

فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عليا رضي اللَّه عنه فدفع إليه لواءه، وكان اللواء على حاله لم يحل من مرجعه من الخندق، وبعث بلالا رضي اللَّه عنه فأذن في الناس:

إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يأمركم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة.

وعن قتادة قال: بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يومئذ مناديا، يا خيل اللَّه اركبي.

ولبس الدرع والمغفر والبيضة، وأخذ قناة بيده، وتقلد الترس، وركب فرسه.

وحف به أصحابه وقد لبسوا السلاح وركبوا الخيل وكانت ستة وثلاثين فرسا، وكانت له صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاثة أفراس معه.

وقيل: خرج صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو راكب على حمار عري [ (٢) ] . وسار فمر بنفر من بني النجار قد صفوا وعليهم السلاح، فقال: هل مر بكم أحد؟ قالوا: نعم! دحية الكلبي، مر على بغلة عليها رحالة، عليها قطيفة من إستبرق، فأمرنا بلبس السلاح، فأخذنا سلاحنا وصففنا، وقال لنا: هذا رسول اللَّه يطلع عليكم الآن! فقال: ذلك جبريل.

[وصول علي إلى حصن بني قريظة وسفاهة يهود]

وانتهى إلى بني قريظة، وقد سبق عليّ في نفر من المهاجرين والأنصار، وغرز الراية عند أصل الحصن، فاستقبلهم يهود يشتمون رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأزواجه، فسكت المسلمون وقالوا: السيف بيننا وبينكم. فلما رأى عليّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رجع إليه، وأمر أبا قتادة الأنصاري أن يلزم اللواء.

مسيره صلّى اللَّه عليه وسلّم إليهم وما قاله

وسار صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى يهود، وقال يومئذ: الحرب خدعة.

وتقدمه أسيد بن حضير فقال: يا أعداء اللَّه! لا نبرح حصنكم حتى تموتوا جوعا، إنما أنتم بمنزلة ثعلب


[ (١) ] ذكره (الواقدي) ج ٢ ص ٤٩٧.
[ (٢) ] عرى: لا سرج عليه.