للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خبر أبي سفيان ومقالته وردّ عمر

ولما تحاجزوا أراد أبو سفيان بن حرب الانصراف، وأقبل على فرس حتى أشرف على المسلمين في عرض الجبل فنادى بأعلى صوته: أعل هبل! ثم صاح: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ يوم بيوم بدر، ألا إن الأيام دول، وإن الحرب سجال، وحنظلة بحنظلة [ (١) ] ،

فقال عمر رضي اللَّه عنه: أجيبه يا رسول اللَّه؟ فقال: بلى، فأجبه!

فقال أبو سفيان: أعل هبل! فقال عمر:

اللَّه أعلى وأجل! فقال أبو سفيان: إنها قد أنعمت فعال [ (٢) ] عنها، ثم قال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر رضي اللَّه عنه:

هذا رسول اللَّه، وهذا أبو بكر، وهذا عمر. فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، ألا إن الأيام دول وإن الحرب سجال. فقال عمر: لا سواء! قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال أبو سفيان: إنكم لتقولون ذلك، لقد خبنا إذا وخسرنا! لنا العزى ولا عزى لكم! فقال عمر: اللَّه مولانا ولا مولى لكم! قال أبو سفيان: إنها قد أنعمت يا ابن الخطاب فعال [ (٢) ] عنها قم إليّ يا ابن الخطاب أكلمك، فقام عمر، فقال أبو سفيان: أنشدك بدينك، هل قتلنا محمدا؟ قال عمر: اللَّهمّ لا، وإنه ليسمع كلامك الآن، قال أنت عندي أصدق من ابن قميئة، ثم

قال أبو سفيان ورفع صوته: إنكم واجدون في قتلاكم عنتا ومثلا، إلا أن ذلك لم يكن عن رأي سراتنا، أدركته حمية الجاهلية فقال: أما إذ [ (٣) ] كان ذاك فلم نكرهه ثم نادى: ألا إن موعدكم بدر [ (٤) ] الصفراء على رأس الحول، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: قل نعم! فقال عمر رضي اللَّه عنه: نعم.

انصراف المشركين ومخافة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من مباغتة المدينة

فانصرف أبو سفيان إلى أصحابه وأخذوا في الرحيل،

فأشفق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم والمسلمون من أن يغير المشركون على المدينة فتهلك الذراري والنساء، فبعث سعد


[ (١) ] يريد حنظلة ولده، وحنظلة غسيل الملائكة.
[ (٢) ] في (خ) «فقال» وما أثبتناه من (الواقدي) ج ١ ص ٢٩٧ وعال عنها: تجاف عنها ولا تذكرها بسوء، يعني آلهتهم. (النهاية) ج ٣ ص ٢٩٤.
[ (٣) ] في (خ) «إذا» .
[ (٤) ] كذا في (خ) و (الواقدي) ج ١ ص ١٩٧. أما في (ط) «بدرا الصفراء» .