وحكى الحناطى وجها أن هذا تخيير كان مستحبا، والصحيح الأول. ولما خيرهن، اخترنه والدار الآخرة، فحرم اللَّه تعالى عليه التزويج عليهنّ والتبدل بهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن، فقال تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ ثم نسخ ذلك لتكون المنة لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لترك التزويج عليهنّ، بقوله تعالى: إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ... الآية. وهل حرم عليه صلى اللَّه عليه وسلّم طلاقهن بعد ما اختارهن؟ فيه أوجه. أصحها: لا، والثاني: نعم. والثالث: يحرم عقب اختيارهن، ولا يحرم إذا انفصل ولو فرض أن واحدة منهن أختارت الدنيا، فهل كان يحصل الفراق بنفس الاختيار؟ وجهان. أصحهما: لا. وهل كان جوابهن مشروطا بالفور؟ وجهان. أصحهما: لا. فإن قلنا بالفور، فهل كان يمتد بامتداد المجلس، أم المعتبر ما يعد جوابا في العرف؟ وجهان. وهل كان قولها: اخترت نفسي، صريحا في الفراق؟ فيه وجهان. [ (٢) ] قال الإمام النووي: القسم الثاني: المتعلق بالنكاح، فمنه الزيادة على أربع نسوة، والأصح أنه لم يكن منحصرا في تسع، وقطع بعضهم بهذا، وينحصر طلاقه في ثلاث، وينعقد نكاحه صلى اللَّه عليه وسلّم بلفظ الهبة على الأصح فيهما وإذا انعقد بلفظ الهبة، لم يجب مهر بالعقد ولا بالدخول، ويشترط لفظ النكاح من جهته صلى اللَّه عليه وسلّم على الأصح، قال الأصحاب: وينعقد نكاحه صلى اللَّه عليه وسلّم بمعنى الهبة، حتى لا يجب المهر ابتداء ولا انتهاء، وفي (المجرد) للحناطى وغيره وجه غريب: أنه يجب المهر. (روضة الطالبين) : ٥/ ٣٥٣.