للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومن إعلامه في التوراة]

قال: جاء اللَّه من سيناء، وأشرق من ساعير [ (١) ] ، واستعلن من جبال فاران [ (٢) ] ، وليس بهذا خفاء على من يدبّره ولا غموض، لأن مجيء اللَّه من سيناء:

إنزاله التوراة على موسى عليه السلام بطور سيناء هو عند أهل الكتاب وعندنا، لذلك يجب أن يكون إشراقه من ساعير إنزاله على المسيح عليه السلام الإنجيل، وكان المسيح يسكن ساعير بأرض الجليل بقرية تدعى ناصرة وباسمها سمي من اتبعه نصارى، وكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير بالمسيح، فكذلك يجب أن يكون استعلانه من جبال فاران بإنزال القرآن على محمد صلى اللَّه عليه وسلّم في جبال فاران وهي جبال مكة، وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة، فإن ادعوا أنها غير مكة فليس ينكر من تحريفهم وإفكهم.

قلنا: ليس في التوراة أن إبراهيم أسكن هاجر وإسماعيل فاران، وقلنا: دلونا على الموضع الّذي استعلن اللَّه منه واسمه فاران والنبي الّذي أنزل اللَّه عليه كتابا بعد المسيح، أوليس استعلن وعلن بمعنى واحد، وهما ظهر وانكشف؟ فهل تعلمون دينا ظهر ظهور الإسلام وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوه؟


[ (١) ] ساعير، سعير: كلمة عبرانية معناها «كثير الشعر» ، وهي اسم الأرض التي كان يسكنها الحواريون، ثم استولى عليها (عيسو) ونسله، وكانت تسمى أيضا جبل سعير، لأنها أرض جبلية على الجانب الشرقي من البرية العربية، ويصل ارتفاع أعلى قمة في هذه الأرض ١٦٠٠ مترا، وهي قمة جبل هور.
وساعير أيضا جبل في أرض يهوذا، بين قرية يعاريم وبيت شمس، وربما كانت سلسلة الجبال التي تقع عليها قرية ساريس إلى الجنوب الغربي من قرية يعاريم، وإلى الشمال الغربي من أورشليم، ولا زالت آثار الغابات التي كانت تنمو فوقه موجودة إلى اليوم. (قاموس الكتاب المقدس) : ٤٦٦- ٤٦٧.
[ (٢) ] جبال فاران: برية واقعة إلى جنوب جبل يهوذا وشرق برية بئر سبع وشور. (المرجع السابق) : ٦٦٧.