للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخبار المسلمين يوم حفر الخندق]

وجعل المسلمون إذا رأوا من الرجل فتورا ضحكوا منه، وتنافس الناس في سلمان الفارسيّ، فقال المهاجرون: سلمان منا- وكان قويا عارفا يحفر الخنادق- وقالت الأنصار: هو منا ونحن آخرته [ (١) ] .

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: سلمان منا أهل البيت.

ولقد كان يعمل عمل عشرة رجال حتى عانة [ (٢) ] قيس بن أبي صعصعة فلبط به [ (٣) ]

فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: مروه فليتوضّأ وليغتسل به، ويكفأ الإناء خلفه، ففعل فكأنما حلّ من عقال. وجعل لسلمان خمس أذرع طولا وخمسا في الأرض ففرغها وحده وهو يقول: اللَّهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة. وحفر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وحمل التراب على ظهره.

وفي حديث سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي: أنه عليه السلام حين ضرب في الخندق قال:

بسم اللَّه وبه هدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا

حبذا ربا وحبذا دينا [ (٤) ]

وكان بنو سلمة في ناحية يحفرون ويرتجزون،

فعزم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على كعب ابن مالك ألا يقول شيئا، وعزم على حسان بن ثابت، وقال: لا يغضب أحد مما قاله صاحبه، لا يريد بذلك سوءا، إلا ما قال كعب وحسان فإنّهما يجدان ذلك [ (٥) ] .


[ (١) ] في (خ) «إخوته» ، وآخرته: آخر من نزل بهم بعد طوافه البلاد.
[ (٢) ] عانة: أصابه بالعين من الحسد (المعجم الوسيط) ج ٢ ص ٦٤١.
[ (٣) ] لبط به: سقط على الأرض من قيام (المرجع السابق) ص ٨١٣.
[ (٤) ] قال محقق (٢) : «هذا كلام لم أجده فيما بين يدي من أصول الكتب، ولا أدري ما هو» ونقول:
روى ابن كثير في (البداية والنهاية) ج ٤ ص ٩٦، ص ٩٧ ما نصه:
«وقال البيهقي في الدلائل: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان (بسنده) عن أبي عثمان عن سلمان أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ضرب في الخندق وقال:
بسم اللَّه وبه هدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا
يا حبذا ربا وحبذا دينا
قال: وهذا حديث غريب من هذا الوجه.
[ (٥) ] قال محقق (ط) :
«هذا خبر ناقص مضطرب، ولم أعرف أصله ولا كيف ساقه» ونقول:
روى (الواقدي) في (المغازي) ج ٢ ص ٤٤٧ ما نصه: «حدثني أيوب بن النعمان عن أبيه عن جده، عن كعب بن مالك