لدخول أهل النفاق في الإسلام حقيقة، وذلك أنهم إذا دخلوا في الإسلام ظاهرا رأوا أدلته وبراهينه، وشاهدوا محاسنة مشاهدة لم تكن تحصل لهم مع عداوتهم للإسلام أصلا، فربما قادهم ذلك إلى الإخلاص في إيمانهم، ومنها: أنهم قد تولد لهم في الإسلام أولاد، فيكون ذلك راغبا لإسلامه على الحقية، وهذا يشاهد في ذرية من أسلم في زماننا.
وقيل للإمام مالك- رحمه اللَّه-: لم يقتل الزنديق، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يقتل المنافقين وقد عرفهم؟ فقال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لو قتلهم بعلمه فيهم وهم يظهرون الايمان لكان ذلك ذريعة إلي أن يقول الناس: يقتلهم للضغائن، أو لما شاء اللَّه تعالى غير ذلك، فيمتنع الناس من الدخول في الإسلام.
وقد روى عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أنه عوتب في المنافقين فقال: لا يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى.
فصل في ذكر من سب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أو آذاه أو تنقصه أو وقع فيه
خرج أبو داود من حديث عباد بن موسى الختّليّ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني عن إسرائيل، عن عثمان الشحام، عن عكرمة، قال: حدثنا ابن عباس، أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها، واتكأ عليها فقتلها.
فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فجمع الناس فقال: أنشد اللَّه رجلا فعل ما فعل، لي عليه حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل، حتى قعد بين يدي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللَّه أنا صاحبها: كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر، ولى منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة،