فصل في كلام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم للَّه عزّ وجلّ ليلة الإسراء
اعلم أن الإله سبحانه وتعالى متكلم، دلّ على ذلك الكتاب و [السنة] ، وإجماع الأمة، فالمنكر كافر، وكلامه معلوم لكل عاقل ذي قلب سليم، والكيف مجهول، لا يعلمه إلا من سمعه منه، وغيرهم لا برهان لهم به، إن يتبعون إلا الظن.
وقالت الأشاعرة [ (١) ] : كلامه معنى واحد، قائم بذاته، مغاير لعلمه وإرادته، وهو طلب فعل، أو طلب ترك، أو الحكم بنفي، أو إثبات.
وقالت المعتزلة [ (١) ] : إذا أراد اللَّه شيئا، أو كرهه، أو حكم به، خلق الأصوات المخصوصة، في جسم من الأجسام، التي لا يصح أن تتصف بالكلام، لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذاك الشيء، أو كارها له، أو حاكما به، بنفي أو إثبات، وكلامه على هذا، هو خلقه لتلك الأصوات، إلا أن الخلق عندهم نفس المخلوق، فيكون كلامه إذن: هو تلك الأصوات، فلهذا قالوا بأن كلام [اللَّه تعالى] مخلوق، لأن تلك الأصوات مخلوقة، ونفوا أن يقوم بذاته طلب أو حكم.
وقالت الكرامية [ (١) ] ومن تبعهم: كلامه لفظ قائم بذاته، وهذا معنى كلام الإمام أحمد رحمه اللَّه، قال الإمام أحمد في رواية يعقوب والمروزي:
تكلم اللَّه بصوت، وذكر الحديث:
إذا تكلم اللَّه بالوحي، سمع صوته أهل السماء،
فالأشاعرة والمعتزلة، متفقون على أن اللفظ لا يقوم بذاته تعالى،