للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خبر أبي بكر]

ودخل أبو بكر رضي اللَّه عنه على عائشة رضي اللَّه عنها وهي تجهّز رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، تعمل قمحا سويقا ودقيقا، فقال: يا عائشة، أهمّ رسول اللَّه يغزو؟

قالت: ما أدري! قال: إن كان همّ بسفر فآذنينا [ (١) ] نتهيأ له. قالت: ما أدري! لعله يريد بني سليم، لعله يريد ثقيفا! لعله يريد هوازن! فاستعجمت عليه [ (٢) ] حتى دخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

فقال له: يا رسول اللَّه، أردت سفرا؟ قال: نعم. قال:

أفأتجهّز؟ قال: نعم، قال: فأين تريد يا رسول اللَّه؟ قال: قريشا، وأخف ذلك يا أبا بكر! وأمر صلّى اللَّه عليه وسلّم الناس بالجهاز، وطوى عنهم [ (٣) ] الوجه الّذي يريد، وقال أبو بكر: يا رسول اللَّه! أو ليس بيننا وبينهم مدة؟ قال: إنهم غدروا ونقضوا العهد، فأنا غازيهم، واطو ما ذكرت لك!

فظان يظن أنه يريد الشأم، وظان يظن ثقيفا، وظان يظنّ هوازن.

[خبر حاطب بن أبي بلتعة ورسالته إلى قريش]

فلما أجمع صلّى اللَّه عليه وسلّم المسير إلى قريش وعلم بذلك الناس، كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش، يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في أمرهم. وكان كتابه إلى ثلاثة نفر: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، فيقول فيه: «إن رسول اللَّه قد أذّن في الناس بالغزو، ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد بكتابي إليكم» . وأعطى الكتاب إلى امرأة من مزينة من أهل العرج-[يقال لها كنود، ويقال لها سارة مولاة عمرو بن صيفي بن هاشم ابن عبد مناف]- وجعل لها دينارا [وقيل: عشرة دنانير] ، على أن تبلّغه قريشا، وقال: أخفيه ما استطعت، ولا تمرّي على الطريق فإن عليه حرسا [ (٤) ] . فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها، وسلكت على غير نقب، حتى لقيت الطريق بالعقيق.

وأتى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليا والزّبير رضي


[ (١) ] آذنينا: أعلمينا وأخبرينا.
[ (٢) ] استعجمت عليه: لم تعطه جوابا بيّنا.
[ (٣) ] وى عنهم: أخفى عنهم.
[ (٤) ] في (خ) «محرسا» .