قال الحافظ أبو نعيم: وهذه الأخبار وما يجانسها في الشفاعة وإجابة آدم عليه السلام فمن دونه في الشفاعة عليه كلها داخلة في علو مرتبة نبينا محمد صلى اللَّه عليه وسلّم وشرف منزلته ورفعته عند ربه تعالى، لأن النبوة لا يخص اللَّه بها إلا المنتخبين من خلفة في الأمم، وذوي الأخطار العظيمة، والمناقب الرفيعة، فإذا كان سائر الأنبياء يدفعون عن أنفسهم التشفيع والمسألة، ويجيئون بها على محمد صلى اللَّه عليه وسلّم بأن فضله وعلو مرتبته على مراتبهم، وفي تعريف هذه المنزلة وإن لم تكن في نفسها معجزة، وأن اللَّه تعالى وضع نبيه صلى اللَّه عليه وسلّم في أعلى المراتب وأشرف المناقب، لتكون القلوب مقبلة على قبوله، والنفوس مسرعة إلى طاعته صلى اللَّه عليه وسلّم، هذا له مع ما خصه اللَّه من الخصال التي لم تعط من تقدمه من النّبيين والمرسلين من المنافع البهية والمرافع السنية. انتهى.
واعلم أن الشفاعة خمسة أقسام:
الأولى: الشفاعة في إراحة المؤمنين من طول الوقوف وتعجيل الحساب كما تقدم ذكره.
والثانية: الشفاعة في إدخال قوم من المؤمنين الجنة بغير حساب كم تقدم من حديث أنس، وفيه: فيقال يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن.
والثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبينا صلى اللَّه عليه وسلّم ومن يشاء اللَّه.
والرابعة: الشفاعة فيمن دخل النار من المذنبين فيخرجهم اللَّه بشفاعة نبينا صلى اللَّه عليه وسلّم وبشفاعة الملائكة وإخوانهم المؤمنين، ثم يخرج اللَّه عز وجل من النار كل من قال لا إله إلا اللَّه ولا يبقى في النار إلا الكافرون.
والخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها.
واتفقوا على شفاعة الحشر وعلى الشفاعة في زيادة درجات أهل الجنة، وخالفت الخوارج والمعتزلة في الأقسام الثلاثة الأخر. وقال ابن عبد البر: وقد قيل إن الشفاعة