للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ائتدامه بالخلّ

فخرج ابن حبان من حديث ياسين بن معاذ، وعن عطاء، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: كان أحب الصباغ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الخل.

وللترمذي من حديث أبى بكر بن عياش، عن أبى حمزة الثمالي، عن الشعبىّ، عن أم هانئ بنت أبى طالب قالت: دخل عليّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال:

هل عندكم شيء؟ فقلت: لا، إلا اكسر يابسه وخلّ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:

قربيه فما أقفر بيت من أدم فيه خلّ.

قال هذا حديث حسن غريب من حديث أم هانئ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو حمزة الثمالي اسمه ثابت بن أبى صفية، وأم هانئ ماتت بعد عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بزمان [ (١) ] .

ولمسلم من حديث أبى عوانة، عن أبى بشر، عن أبى سفيان، عن جابر بن عبد اللَّه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم سأل أهله الأدم فقالوا: ما عندنا إلا خلّ، فدعا به، فجعل يأكل، به ويقول: نعم الأدم الخل، نعم الأدم الخل [ (٢) ] .


[ (١) ] (سنن الترمذي) : ٤/ ٢٤٦، كتاب الأطعمة، باب (٢٥) ما جاء في الخل، حديث رقم (١٨٤١) . ثم قال:
وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: لا أعرف للشعبيّ سماعا من أم هانئ، فقلت: أبو حمزة كيف هو عندك؟ فقال: أحمد بن حنبل تكلم فيه، وهو عندي مقارب الحديث.
وحديث (١٤٨٢) عن جابر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: نعم الإدام الخل.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من حديث مبارك بن سعيد.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٣/ ٢٤٩- ٢٥٠، كتاب الأشربة، باب (٣٠) فضيلة الخل والتأدم به، حديث رقم (١٦٦) . وفي الحديث فضيلة الخل، وأنه يسمى أدما، وأنه أدم فاضل جيد، قال أهل اللغة: الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به. يقال: أدم الخبز يأدمه بكسر الدال، وجمع الإدام أدم بضم الهمزة والدال، كإهاب وأهب، وكتاب وكتب.
وفيه النهى عن التأنق في الشهوات، فإنّها مفسدة للدين، سقمة للبدن، هذا كلام الخطابىّ ومن تابعه.
والصواب الّذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه، وأما الاقتصار في المطعم وترك الشهوات فمعلوم من قواعد اخر. واللَّه تعالى أعلم.
وأخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة، باب (٤٠) في الخل، حديث رقم (٣٨٢٠) ، (٣٨٢١) . معنى.