وأما صدقة التطوع ففي تحريمها على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وتحريمها على آله أربعة أقوال:
أحدها: تحرم، حكاه الشيخ أبو حامد، والقفال، قال ابن الصلاح:
وخفي على إمام الحرمين، والغزاليّ، والصحيح الأول.
والثاني: لا تحرم، إنما كان صلّى اللَّه عليه وسلّم يمتنع منها ترفعا.
والثالث: تحرم عليه دونهم، وهذا القول أصحهما، قال ابن عبد البر:
الّذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصحيح عندنا: أن صدقة التطوع لا بأس بها لبني هاشم ومواليهم، ومما يدل على صحة ذلك، أن عليا والعباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- وغيرهما تصدقوا، وأوقفوا أوقافا على جماعة من بني هاشم، وصدقاتهم الموقوفة معروفة مشهورة، لا خلاف بين العلماء، أن بني هاشم وغيرهم، في قبول الهدايا والمعروف سواء،
وقد قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: كل معروف صدقة.
والرابع: محرم عليهم الجهة الخاصة دون العامة، كالمساجد، ومياه الآبار، وأبدى الماوردي وجها آخر اختاره: أن ما كان منها أموالا متقومة كانت محرمة عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم دون ما كان منها غير متقوم، فتخرج صلاته في المساجد، وشربه ماء زمزم، وبئر رومة، ويخرج من هذا الوجه أنه كان يحرم عليه أن يوقف عليه معينا، لأن الوقف صدقة تطوع.
وحكى الرافعي في هذا الخلاف وجهين، فقال: وفي المحرمات الصدقة في أظهر الوجهين على ما سبق في قسم الصدقات، وتبع في حكاية الخلاف لذلك الإمام هنا، والطبري صاحب (العدة) وكذا حكاه العجليّ في شرح (الوسيط) والجرجاني في (الشافي) .