للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اجتناب المجذوم]

[ (١) ]

خرّج البخاري من حديث عفّان قال: [حدثني سليم بن حيّان] ، حدثني سعيد بن ميناء [قال:] سمعت أبا هريرة رضى اللَّه عنه يقول: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفرّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد [ (٢) ] .


[ (١) ] الجذام- بضم الجيم وتخفيف المعجمة-: هو علة رديئة، تحدث من انتشار المرة السوداء في البدن كله، فتفسد مزاج الأعضاء، وربما أفسد في آخره إيصالها حتى يتآكل. قال ابن سيده: سمى بذلك لتجذّم الأصابع وتقطعها.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ١٠/ ١٩٥، كتاب الطب، باب (١٩) الجذام، حديث رقم (٥٧٠٧) ، و «عفان» هو ابن مسلم الصفّار، وهو من شيوخ البخاري، لكن أكثر ما يخرّج عنه بواسطة، وهو من المعلقات التي لم يصلها في موضع آخر، وقد جزم أبو نعيم أنه أخرجه عنه بلا رواية، وعلى طريقة ابن الصلاح يكون موصولا، وقد وصله أبو نعيم من طريق أبى داود الطيالسي، وأبى قتيبة مسلم بن قتيبة، كلاهما عن سليم بن حيان، شيخ عفان فيه.
وأخرجه أيضا من طريق عمرو بن مرزوق، عن سليم، لكن موقوفا، ولم يستخرجه الإسماعيلي، وقد وصله ابن خزيمة أيضا.
قوله: «وفر من المجذوم كما تفر من الأسد» ، لم أقف عليه من حديث أبى هريرة إلا من هذا الوجه، ومن وجه آخر عند أبى نعيم في الطب، لكنه معلول. وأخرج ابن خزيمة في (كتاب التوكل) له شاهد من حديث عائشة، ولفظه: «لا عدوى، وإذا رأيت المجذوم ففر منه كما تفر من الأسد» .
وأخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد الثقفي عن أبيه، قال: «كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إنا قد بايعناك فارجع» ، حديث رقم (٢٢٣١) .
قال عياض: اختلفت الآثار في المجذوم، فجاء ما تقدم
عن جابر «أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أكل مع مجذوم وقال: ثقة باللَّه وتوكلا عليه» .
قال: فذهب عمر رضى اللَّه عنه وجماعة من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ. وممن قال بذلك: عيسى بن دينار من المالكية، قال: والصحيح الّذي عليه الأكثر، ويتعين المصير إليه أن لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط، والأكل معه على بيان الجواز.