للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذكر صفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

اعلم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان ربعه، بعيد ما بين المنكبين، أبيض اللون مشربا حمرة، يبلغ شعره شحمة أذنيه، وكان شعره فوق الجمة، ودون الوفرة، ودخل مكة وله أربع غدائر، وكان سبط الشعر، في لحيته كثافة ومات صلّى اللَّه عليه وسلّم ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة، وكان ظاهر الوضاءة، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر، وكان كما وصفته عائشة رضي اللَّه عنها بما قاله شاعره حسان بن ثابت رضي اللَّه عنه [ (١) ] :

متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد

وكما كان أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه يقول إذا رآه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

أمسى مصطفى بالخير يدعو ... كعضو البدر زايله الظلام

وكما كان عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه ينشد إذا رآه:

لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المعني لليلة البدر

وكان أبيض اللون، ليس بالأبيض الأمهق [ (٢) ] ولا بالآدم [ (٣) ] ، أقنى العرنين [ (٤) ] ،


[ () ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم بعثت أقسم بينكم» ،
وفي باب من رأى الكراهة في الجمع بينهما: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «من تسمي باسمي فلا يكنى بكنيتي، ومن تكنى بكتيتي فلا يتسمي باسمي» ،
وفي باب ما جاء في الرخصة في الجمع بينهما ما رواه محمد بن الحنفية عن علي رضي اللَّه عنه، ثم قال: والحديث مختلف في وصله، وتعقبه صاحب (الجوهر النقي) ص ٣٠٩ بأن (الترمذي) قد أخرج هذا الحديث، وصححه، وذهب إلى جواز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد، مذهب مالك وجمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء، وقد اشتهر جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول، وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعلي ذلك، وعدم الإنكار، كذا في شرح مسلم للنووي.
[ (١) ] ديوان حسان بن ثابت ص ٣٨٠.
[ (٢) ] مهق مهقا: كان لونه أبيض ناصع البياض بغير حمرة، وهو معيب في لون الإنسان، فهو أمهق (المعجم الوسيط) ج ٢ ص ٨٩٠.
[ (٣) ] أدم أدما وأدمة: اشتدت سمرته: فهو آدم. المرجع السابق ج ١ ص ١٠.
[ (٤) ] قوله: أقنى العرنين: القنا أن يكون في عظم الأنف احديداب في وسطه، والعرنين: الأنف (صفة الصفوة) ج ١ ص ١٦٢.