للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الجوزي: وهذا الحديث لا يثبت، فيه جماعة مجروحون، ولا يصح عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أنه كان يزيد على التبسم.

وخرّج الإمام أحمد [ (١) ] وأبو يعلي، والبزار والطبراني في الكبير، من حديث هشام عن أبي الزبير، عن عبد اللَّه بن سلمة، عن علي أو عن الزبير قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يخطبنا فيذكرنا بأيام اللَّه، حتى نعرف ذلك في وجهه، وكأنه نذير قوم يصبحهم الأمر غدوة، وكان إذا كان حديث عهد بجبريل لم يتبسم ضاحكا حتى يرتفع (عنه) [ (٢) ] .

وأما محبته الفأل [ (٣) ] وتركه الطيرة [ (٤) ] وتغيير الاسم القبيح

فخرج مسلم من حديث يحيى بن عتيق قال: أخبرنا محمد بن سيرين عن أبي


[ (١) ] (مسند أحمد) ج ١ ص ٢٧٢، حديث رقم (١٤٤٠) ، وقال فيه: «عن عبد اللَّه بن سلمة. أو مسلمة»
[ (٢) ] زيادة من المرجع السابق.
[ (٣) ] الفأل: ضدّ الطيرة، والجمع فؤول. وتفألت به، وتفأّل به. قال ابن الأثير: يقال: تفاءلت بكذا، وتفألت، على التخفيف والقلب، قال: وقد أولع الناس بترك همزه تخفيفا.
والفأل: أن يكون الرجل مريضا فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقول: تفاءلت بكذا، ويتوجه له في ظنه كما سمع أنه يبرأ من مرضه، أو يجد ضالته.
وفي الحديث: أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يحب الفأل ويكره الطيرة، ضد الفأل، وهي فيما يكره، كالفأل فيما يستحب، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء، والفأل يكون فيما يحسن وفيما يسوء.
قال أبو منصور: من العرب من يجعل الفأل فيما يكره أيضا. قال أبو زيد تفاءلت تفاؤلا، وذلك أن تسمع الإنسان وأنت تريد الحاجة يدعو: يا سعيد، يا أفلح، أو يدعو باسم قبيح. والاسم: الفأل، مهموز.
وفي نوادر الأعراب: يقال: لا فأل عليك بمعني لا ضير عليك، ولا طير عليك، ولا شرّ عليك.
وفي الحديث، عن أنس، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح والفأل الصالح الكلمة الحسنة» .
قال: وهذا يدل على أن من الفأل ما يكون صالحا، ومنه ما يكون غير صالح، وإنما أحب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الفأل، لأن الناس إذا أمّلوا فائدة اللَّه ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي، فهم على خير.
ولو غلطوا في جهة الرجاء، فإن الرجاء لهم خير، ألا ترى أنهم إذا قطعوا أملهم ورجاءهم من اللَّه كان ذلك من الشر؟ وإنما خبّر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عن الفطرة كيف هي، وإلى أي شيء تنقلب. (لسان العرب) ج ١١ ص ٥١٣- ٥١٤
[ (٤) ] الطيرة: مضاد للفأل، وكانت العرب مذهبها في الفأل والطيرة واحد، فأثبت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الفأل واستحسنه، وأبطل الطيرة ونهى عنها. والطّيرة من اطّيرت وتطيّرت، ومثل الطّيرة الخيرة.