للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عالجاها حتى طارت ثنيتا أبي عبيدة في معالجته لهما، فكان أحسن أهتم خلق. ولما نزعتا جعل الدم يسيل، فجعل مالك بن سنان [وهو والد أبي سعيد الخدريّ] يملج الدم بفيه ثم ازدرده [ (١) ] ،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: من أحب أن ينظر إلى من خالط دمه دمي فلينظر إلى مالك بن سنان. وقيل له: تشرب الدم؟ فقال نعم! أشرب دم رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: من مسّ دمه دمي لم تصبه النار.

مسح فاطمة الدم عن وجهه صلّى اللَّه عليه وسلّم

وخرجت فاطمة عليها السلام في نساء، فلما رأت الّذي بوجه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم اعتنقته وجعلت تمسح الدم عن وجهه، وذهب علي رضي اللَّه عنه يأتي بماء وقال لفاطمة: أمسكي هذا السيف غير ذميم فأتى بماء في مجنه [ (٢) ] فأراد النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يشرب منه- وكان قد عطش- فلم يستطع، ووجد ريحا من الماء كرهها فقال:

هذا ماء آجن [ (٣) ] ، فمضمض منه فاه للدم الّذي فيه، وغسلت فاطمة عن أبيها الدم، ورأى صلّى اللَّه عليه وسلّم سيف علي مختضبا فقال: إن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وسيف أبي دجانة غير مذموم.

[النساء يحملن الطعام ويسقين الجرحى]

وخرج محمد بن مسلمة يطلب مع النساء ماء- وكن قد جئن أربع عشرة امرأة منهن فاطمة عليها السلام، يحملن الطعام والشراب على ظهورهن، ويسقين الجرحى، ويداوينهم [ (٤) ] . ومنهن أم سليم بنت ملحان، وعائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها على ظهورهما القرب، ومنهن حمنة بنت جحش وكانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى، ومنهن أم أيمن تسقي الجرحى- فلم يجد محمد بن مسلمة عند النساء ماء. وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد عطش عطشا شديدا، فذهب محمد إلى قناة حتى استفى من حسي [ (٥) ] ، فأتى بماء عذب فشرب منه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ودعا له


[ (١) ] ملج: امتصّ ورضع، ازدرد: ابتلع، تقول ملج الصبي أمه إذا رضعها (النهاية) ج ٤ ص ٣٥٣.
[ (٢) ] المجن: الترس.
[ (٣) ] الماء الآجن: الماء المتغير الطعم واللون (النهاية) ج ١ ص ٢٦.
[ (٤) ] في (خ) : و «يداويهن» .
[ (٥) ] الحسي: حفيرة قريبة من القعر، قيل إنه لا يكون إلا في أرض أسفلها حجارة وفوقها رمل، فإذا