للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحجة الخامسة]

أنه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا:

آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم.

الحديث [ (١) ] ، وإنما قال ذلك لأنه علم أنهم حرفوا بعض كتبهم لا كلها، فمنع تصديقهم خشية أن يكون ما قالوه مما حرّفوه.

ومن تكذيبهم خشية أن يكون [ما قالوه] [ (٢) ] مما لم يحرفوه، فالأول في غاية الحزم والثاني في غاية العدل، ولو لم يكن نبيا مأمورا فيهم بذلك كما في القرآن: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى [ (٣) ] ، لأغري الناس بتكذيب [كل ما] [ (٤) ] عندهم، وكان ذلك أتم لناموسه، وأذل لأعدائه، لأنا علمنا بالاستقراء من ملوك الدنيا أجمعين أن أحدا منهم لم يترك من آثار من قبله من الملوك ما يحذر منه على ملكه إلا عجزا.


[ (١) ]
(ميزان الاعتدال) : ٣/ ٤٧٠، ترجمة رقم (٧١٩٧) ، محمد بن إسحاق بن يسار، وقال في آخرها: فهذا إذن نبوي في جواز سماع ما تأثرونه في الجملة كما سمع منهم ما ينقلونه من الطب، ولا حجة في شيء من ذلك، إنما الحجة في الكتاب والسنة، وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : ٥/ ١٢٤، حديث رقم (١٦٧٧٤) : عن أبي نملة الأنصاري أخبره: أنه بينما هو جالس عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم جاءه رجل من اليهود فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اللَّه أعلم، قال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا باللَّه وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم.
[ (٢) ] زيادة يقتضيها السياق.
[ (٣) ] النجم: ٣- ٤.
[ (٤) ] زيادة يقتضيها السياق.