للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدي. فقال: نعم. فخرج حتى قتل ومثل به. ودفن هو وحمزة [ (١) ] رضي اللَّه عنه في قبر واحد. وولي تركته رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فاشترى لابنه [ (٢) ] مالا بخيبر، فأقبلت أخته حمنة بنت جحش. فقال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا حمن! احتسبي، قالت: من يا رسول اللَّه؟ قال: خالك حمزة، قالت: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، غفر اللَّه له ورحمه، هنيئا له الشهادة! ثم قال لها: احتسبي، قالت: من يا رسول اللَّه؟ قال: أخوك، قالت: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، غفر اللَّه له ورحمه، هنيئا له الشهادة، ثم قال لها: احتسبي، قالت: من يا رسول اللَّه؟ قال: مصعب بن عمير، قالت وا حزناه!! وفي رواية أنها قالت: وا عقراه!! فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن للزوج من المرأة مكانا ما هو لأحد! ثم قال لها: لم قلت هذا؟ قالت: يا رسول اللَّه، ذكرت يتم بنيه فراعني.

فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لولده أن يحسن عليهم الخلف، فتزوجت طلحة فولدت له محمد بن طلحة، فكان أوصل الناس لولدها. وكانت حمنة خرجت يومئذ إلى أحد مع النساء يسقين الماء.

طلوع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على أصحابه في الشّعب

وطلع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على أصحابه في الشّعب بين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ يتكفأ في الدرع [وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا مشى يتكفأ تكفؤا] [ (٣) ]- وقد بدن وظاهر بين درعين- وكان يتوكأ على طلحة بن عبيد اللَّه، فما صلى الظهر يومئذ بأصحابه إلا جالسا. وقد حمله طلحة رضي اللَّه عنه- حين انتهى إلى الصخرة- حتى ارتفع عليها. ثم مضى إلى أصحابه ومعه النفر الذين ثبتوا معه، فلما رأوهم ولوا في الشعب ظنا أنهم من المشركين، حتى جعل أبو دجانة يليح إليهم بعمامة حمراء على رأسه فعرفوه، فرجعوا أو بعضهم. وكانوا الذين ثبتوا معه صلّى اللَّه عليه وسلّم- وطلعوا وهو بينهم إلى الشعب- أربعة عشر: سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار.

سرور المسلمين بسلامة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

فسروا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى كأنهم لم تصبهم في أنفسهم مصيبة، وبينا هم


[ (١) ] حمزة: خال عبد اللَّه بن جحش.
[ (٢) ] في (المغازي) «لأمه» ج ١ ص ٢٩١.
[ (٣) ] زيادة للبيان، وهي صفة مشية النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وذلك أنه كان «إذا مشى كأنما ينحط من صبب» راجع (صفة الصفوة لابن الجوزي) ج ١ ص ١٥٦ صفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وص ٢١٣ من هذا الكتاب.