للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نزول الحجر وهبوب الريح]

فلما أمسى بالحجر قال: إنها ستهبّ الليلة ريح شديدة، فلا يقومنّ منكم أحد إلا مع صاحبه، ومن كان له بعير فليوثق عقاله، فهاجت ريح شديدة ولم يقم أحد إلا مع صاحبه، إلا رجلين من بني ساعدة: خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعيره. فأما الّذي خرج لحاجته، فإنه خنق على مذهبه، وأما الّذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح فطرحته بجبل طيِّئ فأخبر عليه السلام خبرهما فقال: ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا معه صاحب له؟ ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفى، وأما الآخر فإن طيِّئا قدمت به إلى المدينة.

[هدية بني عريض]

وأهدى له عليه السلام بنو عريض اليهودي هريسا فأكلها، وأطعمهم أربعين وسقا، فلم تزل جارية عليهم [ (١) ] .

[خبر بئر الحجر]

واستقى الناس من بئر الحجر [ (٢) ] وعجنوا، فنادى منادى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: لا تشربوا من مائها ولا توضئوا منه للصلاة، وما كان من عجين فاعلفوه الإبل، فجعل الناس يهريقون ما في أسقيتهم، وتحوّلوا إلى بئر صالح عليه السلام فارتووا منها. وقال يومئذ: لا تسألوا نبيكم الآيات! هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم آية، فكانت الناقة ترد عليهم من هذا الفجّ، تسقيهم من لبنها يوم وردها ما شربت من مائهم.

فعقروها، فأوعدوا ثلاثا، وكان وعد اللَّه غير مكذوب، فأخذتهم الصيحة،

وقال يومئذ: لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فيصيبكم ما أصابهم.

وجاء رجل بخاتم وجده في الحجر في بيوت المعذبين، فأعرض عنه واستتر بيده أن ينظر إليه، وقال: ألقه! فألقاه.

وقال لأصحابه حين حاذاهم: إن هذا وادي القرى! فجعلوا يوضعون فيه


[ (١) ] في (خ) «فلم يزل حارثة عليهم، وفي (الواقدي) ج ٣ ص ١٠٠٦ «فهي جارية عليهم» .
[ (٢) ] الحجر: ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام.