للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار]

ثم كانت سرية بشير بن سعد إلى يمن وجبار في سنة سبع. وذلك أن حسيل ابن نويرة الأشجعي أخبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أن جمعا من غطفان بالجناب، قد واعدوا عيينة بن حصن أن يزحفوا إلى أطراف المدينة. فذكر ذلك لأبي بكر وعمر رضي اللَّه عنهما، فأشارا بإرسال بشير بن سعد، فعقد له لواء، وبعث معه ثلاثمائة رجل.

وكان حسيل دليلهم، حتى أتوا إلى يمن وجبار وهي نحو الجناب، والجناب يعارض سلاح وخيبر ووادي القرى، فنزلوا بسلاح، ثم دنوا من القوم فأصابوا نعما كثيرا ملئوا منه أيديهم، وتفرق الرعاء فأنذروا أصحابهم، فمروا على وجوههم، فلم يلق بشير أحدا، وعاد بالنّعم، فوجدوا عينا لعيينة فقتله، ثم لقي جمع عيينة فأوقع بهم وهم لا يشعرون، فناوشهم فانهزموا، وأسر منهم رجلا أو رجلين، وقدما المدينة فأسلما وتركا لحالهما.

[عمرة القضية]

ثم كانت عمرة القضية، وتسمى عمرة القضاء، وغزوة القضاء، وعمرة الصّلح، ويقال لها: عمرة القصاص، قال الغريابيّ: أخبرنا [ (١) ] ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ [ (٢) ] قال: فحزنت قريش لردها [ (٣) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الحديبيّة محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام، فأدخله اللَّه مكة من العام القابل فقضى عمرته، وأقصّه [ (٤) ] ما حيل بينه وبين يوم الحديبيّة.

[أول الجمع للعمرة]

وذلك أن ذا القعدة لما أهلّ في سنة سبع، أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم وألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبيّة، فلم يتخلف من أهلها أحد هو حي، وخرج سوى أهل الحديبيّة رجال عمّار. وكان المسلمون في عمرة القضية ألفين. وقال جماعة من العرب: واللَّه يا رسول اللَّه ما لنا زاد، وما من


[ (١) ] في (خ) «نا» وهي اختصار «أخبرنا» ، كما أن «ثنا» اختصار «حدثنا» .
[ (٢) ] الآية ١٩٤/ البقرة.
[ (٣) ] في (خ) «بردها» .
[ (٤) ] أعطاه القصاص.