للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا أجمع العلماء على كفر من كذب على الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم تعمدا مستجيزا لذلك واختلفوا في المتعمد فقط فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يكفر أيضا ويخالفه الجمهور ثم لو تاب فهل تقبل روايته على قولين: فأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو بكر الحميدي والصيرفي من أصحابنا قالوا: لا تقبل توبته ولا روايته

لقوله صلى اللَّه عليه وسلّم إن كذبا على ليس ككذب على أحد، من كذب على فليتبوَّأ مقعده من النار

قالوا: ومعلوم أن من كذب على غيره فقد أثم وفسق، وكذلك الكذب عليه صلى اللَّه عليه وسلّم لكن من تاب عن الكذب على غيره تقبل بالإجماع توبته، فينبغي أن لا تقبل توبته من كذب عليه صلى اللَّه عليه وسلّم ولا روايته فرقا بين الكذب عليه والكذب على غيره وأما الجمهور فقال: إن تاب قبلت توبته وروايته وهذا هو الصحيح واللَّه اعلم.

الخامسة والأربعون: أنه صلى اللَّه عليه وسلّم كان معصوما في أقواله وأفعاله ولا يجوز عليه التعمد ولا الخطأ الّذي يتعلق بأداء الرسالة ولا بغيرها فيقدر عليه

[قال تعالى] [ (١) ] وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى فلهذا قال كثير من العلماء: لم يكن له الاجتهاد لأنه قادر على النص وقال آخرون: بل لا يقدر عليه فعلى الأقوال كلها هو واجب العصمة لا يتصور استمرار الخطأ عليه بخلاف أمته فإنه يجوز ذلك على كل واحد منهم منفردا فأما إن اجتمعوا كلهم على قول واحد فلا يجوز عليهم الخطأ كما تقدم.

قال الماوردي في (تفسيره) : قال ابن أبى هريرة: كان صلى اللَّه عليه وسلّم لا يجوز عليه الخطأ ويجوز على غيره من الأنبياء لأنه خاتم النبيين فليس بعده من يستدرك الخطأ بخلافهم فلذلك عصمه اللَّه تعالى منه وقال الإمام الحق الحق:

إنه لا يخطئ في اجتهاده صلى اللَّه عليه وسلّم.


[ (١) ] زيادة يقتضيها السياق.