وروى ابن نافع عنه في (العتبية) وكتاب محمد أن ميراثه لجماعة المسلمين لأن ماله تبع لدمه، وقال به أيضا جماعة من أصحابه. وقاله أشهب، والمغيرة، وعبد الملك، ومحمد، وسحنون، وذهب ابن قاسم في (العتبية) إلي أنه إن اعترف بما شهد عليه به وتاب فقتل فلا يورث، وإن لم يقر حتى مات أو قتل ورث. قال: وكذلك كل من أسرّ كفرا فإنّهم يتوارثون بوراثة الإسلام، وسئل أبو القاسم بن الكاتب عن النصراني يسب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فيقتل، هل يرثه أهل دينه أم المسلمون؟ فأجاب: إنه للمسلمين ليس على جهة الميراث لأنه لا توارث بين أهل ملتين، ولكن لأنه من فيئهم لنقضه العهد. هذا معنى قوله واختصاره.
فصل في حكم من سب اللَّه تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وأزواجه وصحبه
قال القاضي عياض: لا خلاف أن سابّ اللَّه تعالى من المسلمين كافر، حلال الدم، واختلف في استتابته، فقال ابن القاسم في المبسوط. وفي كتاب ابن سحنون ومحمد ورواها ابن القاسم عن مالك في كتاب إسحاق بن يحي: من سب اللَّه تعالى من المسلمين قتل ولم يستتب الا أن يكون افتراء على اللَّه بارتداده إلى دين دان به وأظهره فيستتاب وإن لم يظهره لم يستتب.
وقال في (المبسوطة) مطرف وعبد الملك مثله وقال المخزومي ومحمد بن مسلمة وابن أبي حازم لا يقتل المسلم بالسب حتى يستتاب وكذلك اليهودي والنصراني فإن تابوا قبل منهم وإن لم يتوبوا قتلوا، ولا بد من الاستتابة وذلك كله كالردة وهو الّذي حكاه القاضي ابن نصر عن المذهب. وأفتي أبو محمد بن أبي زيد فيما حكي عنه في رجل لعن رجلا ولعن اللَّه، فقال: إنما أردت أن ألعن الشيطان فزل لساني فقال: يقتل بظاهر كفره ولا يقبل عذره، وأما فيما بينه وبين اللَّه تعالى فمعذور، واختلف فقهاء قرطبة في مسألة هارون بن حبيب