للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الخامسة عشر: أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلف وحده من العلم ما كلف الناس بأجمعهم

ذكره ابن القاصّ، واستشهد له بما خرّجه البيهقيّ من طريق يونس، عن الزهريّ قال: أخبرني حمزة بن عمر، قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن، فشربت منه، حتى أني لأرى الريّ يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي يعني عمر قال: فما أولته يا رسول اللَّه؟ قال:

العلم [ (١) ] ،

وسيأتي بطرقه إن شاء اللَّه- تعالى- في المنامات النبويّه.

المسألة السادسة عشر: أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يغان على قلبه فيستغفر اللَّه ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة

خرّج مسلم [ (٢) ] من طريق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي بردة، عن الأغر، وكانت له صحبة- أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر اللَّه في اليوم مائة مرة.


[ (١) ] سبق تخريجه، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء اللَّه- تعالى-.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٧/ ٢٦- ٢٧، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب (١٢) استحباب الاستغفار والاستكثار منه، حديث رقم (٤١) .
قال القاضي: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الّذي كان شأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم الدوام عليه، فإذا فتر أو غفل عدّ ذلك ذنبا، واستغفر منه، قال: وقيل هو همه بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالها بعده، فيستغفر لهم، وقيل: سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم ومحاربة العدو، ومداراته، وتأليف المؤلفة، ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه فيراه ذنبا بالنسبة إلى عظيم منزلته، وإن هذه الأمور من أعظم الطاعات، وأفضل الأعمال، فهي نزول عن أعالي درجته ورفيع مقامه من حضوره مع اللَّه- تعالى-، ومشاهدته، ومراقبته وفراغه مما سواه، فيستغفر لذلك.