للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخير. وجعل الدم لا ينقطع،

وجعل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: لن ينالوا منا مثلها حتى تستلموا الركن.

دواء جرح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم

فلما رأت فاطمة الدم لا يرقأ [ (١) ]- وهي تغسله وعلي يصب الماء عليها بالمجنّ، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم، ويقال: داوته بصوفة محترقة. وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد يداوي الجرح في وجهه بعظم بال حتى يذهب أثره. ومكث يجد وهن ضربة ابن قميئة على عاتقه شهرا أو أكثر من شهر.

قتل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أبي بن خلف

وأقبل يومئذ أبي بن خلف يركض فرسه حتى [إذا] [ (٢) ] دنا من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم اعترض له ناس من المسلمين ليقتلوه فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: استأخروا عنه!

وقام وحربته في يده فرماه بها بين سابغة [ (٣) ] البيضة والدرع فطعنه [ (٤) ] هناك، فوقع عن فرسه وكسر ضلع من أضلاعه، فاحتملوه فمات- لما ولوا [قافلين] [ (٥) ]- بالطريق، وفيه نزلت: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [ (٦) ]

وكان أبيّ بن خلف قدم المدينة في فداء ابنه وقد أسر يوم بدر، فقال: يا محمد! إن عندي فرسا أجلها فرقا [ (٧) ] من ذرة كل يوم أقتلك عليها، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: بل أنا أقتلك عليها إن شاء اللَّه. ويقال: قال ذلك بمكة فبلغ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلمته بالمدينة فقال:

أنا أقتله عليها إن شاء اللَّه. وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم في القتال لا يلتفت وراءه، فكان يقول لأصحابه: إني أخشى أن يأتي أبيّ بن خلف من خلفي فإذا رأيتموه فآذوني،

فإذا بأبيّ يركض على فرسه، وقد رأى رسول اللَّه فعرفه، فجعل يصيح بأعلى صوته:


[ () ] أمطرت نشفها الرمل فإذا انتهى إلى الحجارة أمسكته (النهاية) ج ١ ص ٣٨٧.
[ (١) ] في (خ) «يرقى» .
[ (٢) ] زيادة للسياق.
[ (٣) ] السابغ والسابغة والتسبغة: ما توصل به من حلق الدروع فتستر العنق. (المعجم الوسيط) ج ١ ص ٤١٤.
[ (٤) ] في (خ) فقطعه.
[ (٥) ] زيادة للإيضاح.
[ (٦) ] الآية ١٧/ الأنفال.
[ (٧) ] أجلها: أي أعلفها. (النهاية) ج ١ ص ٢٨٩، والفرق: مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع، (ترتيب القاموس) ج ٣ ص ٤٧٩.