فصل في ذكر ما جاء في غسل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
قال ابن عبد البر: ولم يختلف في أن الذين غسلوه عليّ والفضل بن العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم-، واختلف في العباس، وأسامة بن زيد، وقثم بن العباس، وسعد فقيل: هؤلاء كلهم شهدوا غسله، وقيل لم يغسله غير عليّ والفضل- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-، كان يصب الماء عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- والفضل كان يغسله.
وقيل: كان الناس قد تنازعوا في ذلك، فصاح أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: يا معشر الناس كل قوم أولى بجنائزهم من غيرهم، فانطلق الأنصار إلى العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- يقلبانه وأسامة ابن زيد وقثم- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما يصبان الماء على عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
وروى من وجه آخر أن العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان بالباب، لم يحضر الغسل، يقول: لم يمنعني أن أحضره إلا أني كنت أراه صلى اللَّه عليه وسلم يستحي أن أراه حاسرا.
قال سيف: عن سعيد، عن أبي الغراء، عن أبي مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: صدرنا في قبر النبي عن رأى أبي بكر والعباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-، ولولا ذلك لكنا كأن لم نسمع من النبي صلى اللَّه عليه وسلم في ذلك ما سمعنا، ولقد كان احتبس منا، فأما أبو بكر فحفظه، وأما العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فكان رأيا منه.
قال سيف: عن هشام بن عروة عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، قالت: كان سرير رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في أقصي البيت مما يلي الحائط في وسطه ما بين الحائطين، وكان فرشه قدام سريره ملصق بالسرير في وسط ما بين الحائطين، وكان فصل البيت من عند رأس السرير، والفراش من عند رجل السرير، والفراش يسير، لا يكون فصل بينهما ذراعين يزيد قليلا أو ينقص.
قال الواقدي في كتاب (المغازي) : حدثنا ابن أبي خثيمة عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس- رضي اللَّه عنهما- قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال المهاجرون: الشق، وقالت الأنصار. اللحد، وكان بالمدينة رجلان، أحدهما يلحد، والآخر يشق، وكان أبو طلحة- رضي اللَّه