للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تحريم الصلاة بالقراءة الشاذة]]

وأما تحريم الصلاة بالشاذ [من القراءات] [ (١) ] ، فهو المعروف في كتب المتقدمين [من أن علم هذه المسألة] [ (١) ] عند الفقهاء الفروعية أجدر بها، لأنها تحتاج إلى مواد: من حديث، وفقه قديم، واطلاع على عمل السلف، وتحقيق قول أئمة التفسير، ومعرفة بما صحت أسانيده من القراءات وما اختلف من ذلك، ولا ريب أن فقهاء زماننا عن هذا بمعزل إلا القليل منهم.

وأما الشواذ، فإنّها مأخوذة من: شذّ الشيء، ويشذّ شذا وشذوذا، أي ندر عن جمهوره، فسميت [القراءة] [ (١) ] شاذة لأنها فارقت ما عليه القراءات وانفردت عن ذلك، وهي على قسمين:

أحدهما: ما روى عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة رضي اللَّه عنهم بإسناد صحيح.

والثاني: ما لم يصح سنده، وللناس في هذه الشواذ مذهبان:

أحدهما: أنه يقرأ في غير الصلاة.

والثاني: أنه لا يجوز أن يقال له قرآن.

فأما من جوّز تلاوته، فقد تقدم ما نقله عن ابن وهب، عن الإمام مالك رحمه اللَّه أنه قيل له: أترى أن تقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه:

«فامضوا إلى ذكر اللَّه» [ (٢) ] ؟ فقال: ذلك جائز، وأنه قال: لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا، قد كان الناس ولهم مصاحف، والستة الذين أوصى إليهم عمر رضي اللَّه عنهم كانت لهم مصاحف، وأنه قال في قراءة ابن مسعود: «طعام الفاجر» [ (٢) ] ، فقلت لمالك: أترى أن تقرأ كذلك؟ قال: نعم أرى ذلك واسعا، وأن ابن عبد البر قال: معناه عندي: أن تقرأ به في غير الصلاة، لأن ما عدا مصحف عثمان رضي اللَّه عنه [لا] [ (١) ] يقطع عليه بالصحة، وإنما يجري مجرى


[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] صوابهما في القراءة المعتمدة: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، طَعامُ الْأَثِيمِ.