للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإسحاق بن راهويه، ومن كان بالشام والأندلس على مذهب الأوزاعي، حتى اشتهر مذهب مالك وغيره، وإبطال ديانة من كان ببلاد المشرق على مذهب سفيان وغيره من الأئمة، ومن كان على مذهب أهل الحديث الذين لا يتعدونه، كأتباع داود ابن علي، ومن خالف أتباع داود في بعض المسائل، وبناء مذهبهم على وجوب الاجتهاد على من تأهّل لوجه استخراج الحكم الشرعي من كتاب اللَّه وسنة رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم، وأوتي أهلية النظر في الأسانيد، بمراجعته لكتب النقل وتواريخ الرواة، والنظر في التعديل والتجريح، وإن كلا عليه الاجتهاد بحسب ما بلغ من ذلك.

وأما الذين حرموا القراءة بما بالسبعة التي في المختصرات، فإنّهم كانوا في قرن السبع مائة، وما زال المسلمون يقرءون بما عدا ذلك شرقا وغربا، ينقلها خلف الأمة عن سلفها، إلى أن ضاعت من المتأخرين، وصنفت في ذلك كتب، وعللت في كتب، علم ذلك من له اطلاع على هذا الفن علم اليقين، وقد كان المسلمون يصلون خلف أصحاب هذه القراءات كالحسن البصري، ويعقوب، وطلحة بن مصرف، وابن محيصن، والأعمش، وأضرابهم، فلم ينكر ذلك أحد من فقهاء الأمصار وأئمة الإسلام من أهل الفتوى، حتى كان زمن أحمد بن محمد بن شنبوذ، فإنه في منقولاته أشياء تخالف رسم مصحف أمير المؤمنين عثمان رضي اللَّه عنه مخالفة كثيرة، وكان بينه وبين أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد شيخنا [عداوة] [ (١) ] يعرفها جهابذة أهل النقل، وكانت لابن مجاهد رئاسة وتمكن في الدولة العباسية ببغداد، وله مع ذلك شهرة عند الكافة، [فألّب] [ (٢) ] على ابن شنبوذ فيمن ألب عليه، حتى جرى من ضربه وهو حاضر مجلس الوزير أبي علي بن مقلة ما جرى، وذلك بضع وعشرين وثلاثمائة، كما ذكرت في كتاب التاريخ الكبير: (المقفى) [ (٣) ] وابن مجاهد، هذا الّذي قصر الناس على السبعة وصنف فيها، وإليه كانت رحلة الناس في القراءات فاشتهرت السبعة بالتمييز عن غيرها من عهده، إلى أن صارت عند الناس هي القرآن.


[ (١) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (٢) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (٣) ] كتاب (المقفى الكبير) من مؤلفات المقريزي.