للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما كفاية اللَّه تعالى رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم دعثور بن الحارث إذ عزم على قتله وقد أمكنته الفرصة

فقال الواقدي في (مغازيه) [ (١) ] : حدثني محمد بن زياد بن أبي هنيدة، حدثنا زيد بن أبي عتاب، وحدثني عثمان بن الضحاك بن عثمان، وحدثني:

عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن عبيد اللَّه بن أبي بكر، فزاد بعضهم على بعض في الحديث، وغيرهم قد حدثنا أيضا، قالوا: بلغ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب بذي أمرّ [ (٢) ] قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، جمعهم رجل منهم بقال له دعثور بن الحارث بن محارب، فندب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم المسلمين وخرج في أربعمائة رجل وخمسين، ومعهم أفراس، فذكر الخبر إلى أن قال: وهربت منه الأعراب فوق الجبال وقبل ذلك ما قد غيبوا سرحهم في ذرى الجبال، فلم يلاق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أحدا، إلا أنه ينظر إليهم في رءوس الجبال، فنزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ذا أمر وعسكر معسكره، فأصابهم مطر شديد فذهب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبلّ ثوبه، وقد جعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وادي ذي أمرّ بينه وبين أصحابه، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف، وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها والأعراب ينظرون كل ما يفعل، فقالت الأعراب لدعثور- وكان سيدها وأشجعها-: قد أمكنك محمد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوّث بأصحابه لم يغث حتى تقتل، فاختار سيفا من سيوفهم صارما،

ثم أقبل مشتملا بالسيف حتى قام على رأس النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بالسيف مشهورا، فقال: يا محمد! من يمنعك مني اليوم؟ قال: اللَّه! وقال: ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقام


[ (١) ] (مغازي الواقدي) : ١/ ١٩٤- ١٩٦. وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (٢) ] موضع غزاه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، قال الواقدي: هو من ناحية النخيل، وهو بنجد من ديار غطفان، وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خرج في ربيع الأول من سنة ثلاث للهجرة لجمع بلغه أنه اجتمع من محارب وغيرهم، فهرب القوم منهم الى رءوس الجبال، وزعيمها دعثور بن الحارث المحاربي، فعسكر المسلمون بذي أمرّ.