أبناءنا فيسب أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا ولكن نرهنك اللأمة، قال سفيان: يعني السّلاح، فواعده أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة- فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة، وقال غير عمرو، قالت: أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم، قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لودعى إلى طعنة بليل لأجاب، قال: ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين وقال غير عمرو، أبو عبس بن حيبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر. قال عمرو: جاء برجلين فقال إذا جاء فإنّي شام شعره فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم: قال:
فلما نزل وهو متوحش قال: إنا نجد منك ريح الطيب، قال: نعم، تحتي فلانة، هي أعطر نساء العرب، قال: فتأذن لي أن أشم منه؟ قال: نعم، فشمّ، فتناول فشم ثم قال: أتأذن لي أن أعود؟ قال: فاستكمنت من رأسه ثم قال:
دونكم، قال: فقتلوه.
قال: ابن إسحاق [ (١) ] فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش، وهو أبو نائلة، حدثني عبد الأشهل وكان أخا لكعب من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وقش، وأبو عبس بن جبر، أخو بني حارثة.
قال ابن إسحاق: فحدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال بعثني معهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم قال: انطلقوا على اسم اللَّه، اللَّهمّ أعنهم.
قال مؤلفه: ولقتل كعب بن الأشرف طرق كثيرة، وقد تضمن أربعه أعلام من أعلام النبوة، وهي: إخبار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عن اللَّه تعالى بما كان من تحريض كعب قريشا بمكة على محاربة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ودعائه اللَّه تعالى بإعانة من بعثهم لقتله، وأعانهم اللَّه تعالى على ذلك إجابة لدعاء المصطفى صلّى اللَّه عليه وسلم، وثالثها دعاؤه صلّى اللَّه عليه وسلم أن يكفيه كعبا فكفاه أمره، ثم نفثه صلّى اللَّه عليه وسلم في جرح الحارث بن أوس فلم يؤذه.
[ (١) ] (سيرة ابن هشام) : ٣/ ٣٢٢- ٣٢٣، مقتل كعب بن الأشرف.